يتوجه عليها في حال استخف الغرر فيه، ولا رجوع للأب عليها بشيء إذا مات الولد قبل انقضاء أمد الرضاع، إذا كانا إنما عملا على أن أبرأته من مؤونة رضاعه بإفصاح وبيان.
واختلف إذا وقع الأمر مبهما، فحمله مالك في المدونة على ما تأول عليه ابن القاسم على أنها إنما أبرأته من مئونة رضاعه، فلا يرجع عليها بشيء، وقال ما رأيت أحدا طلب ذلك. وفي المختصر الكبير، إنه لو طلب ذلك لكان فيه قول، وبالله التوفيق.
[مسألة: له الأخت بالأندلس فيريد أن يخرج إليها ويخاف عليها الضيعة]
مسألة وسئل مالك عن الرجل تكون له الأخت بالأندلس، فيريد أن يخرج إليها ويخاف عليها الضيعة، وفيما بينه وبينها فساد وحرب، يخاف الهلاك على دينه، قال: لا أحب له أن يدخل في شيء يخاف فيه الهلاك على دينه.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأن الخوف على الدين، كالخوف على النفس وأشد، وإذا كان ذلك يسقط فرض الحج، لقول الله عز وجل:{مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا}[آل عمران: ٩٧] ، فأحرى أن يسقط عنه ما يلزمه من إعانة أخته مخافة الضيعة عليها.
[يغيب عن امرأته سنين ثم يتسلف لنفقتها]
ومن كتاب طلق وسئل مالك عن الرجل يغيب عن امرأته سنين، ثم يتسلف لنفقتها، ويعلم ذلك جيرانها من حالها، وأنه لا يبعث إليها بنفقة، فيموت في غيبته، فتطلب ذلك، وتريد أن تأخذه من ماله، أترى ذلك لها؟ قال: هذه أمور إنما يقضى فيها على وجه ما ينزل باجتهاد الإمام العدل في ذلك، والحي إذا قدم أبين عندي شأنا، إن طلبت النفقة أغرم فإن أنكر أحلف يريد بذلك ويبرأ، وقال في الموت: