مسألة قال: وسئل مالك. عن رجل من المسلمين يحمل على الجيش من العدو وحده، قال: قال الله تعالى: {الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا}[الأنفال: ٦٦]- الآية. فجعل كل رجل برجلين بعد أن كان كل رجل بعشرة، فأخاف هذا يلقي بيده إلى التهلكة وليس ذلك بسواء أن يكون الرجل في الجيش الكثيف فيحمل وحده على الجيش، وأن يكون الرجل قد خلفه أصحابه بأرض الروم أحاطوه فتركوه بين ظهراني الروم، فهو يخاف الأسر فيستقتل فيحمل عليهم، فهذا - عندي - خفيف، والأول عندي في كثف وقوة، وليس إلى ذلك بمضطر، يختلف أن يكون الرجل يحمل احتسابا بنفسه على الله، كما قال عمر بن الخطاب " الشهيد من احتسب نفسه على الله، أو يكون يريد بذلك السمعة والشجاعة.
قال محمد بن رشد: أما إذا فعل ذلك إرادة السمعة والشجاعة، فلا إشكال ولا اختلاف في أن ذلك من الفعل المكروه؛ وأما إن اضطر إلى ذلك بإحاطة العدو به، ففعله مخافة الأسر، فلا اختلاف في أن ذلك من الفعل الجائز، إن شاء أن يستأسر، وإن يشاء أن يحمل على العدو ويحتسب نفسه على الله، وأما إذا كان في صف المسلمين وأراد أن يحمل على الجيش من العدو وحده محتسبا بنفسه على الله، ليقوي بذلك نفوس المسلمين