من البائع، ألا ترى أنه لا يقدر على بيعها من غيره، ولا يرجع في بيعه، فأشبه ذلك بيع الغائب، وقول سحنون أظهر، إذ لا فرق بين الإقالة من الجارية التي في المواضعة، وبين السلعة الغائبة على القول بأن الضمان من البائع، إلا من وجه أنه لم يختلف في أن ضمان الجارية في المواضعة من البائع؛ وقد اختلف في ضمان السلعة الغائبة على الصفة، ومن مذهبه مراعاة الخلاف؛ وقد تأول قول مالك في المدونة على مذهبه فقال في قوله فيها إن الإقالة لا تجوز لأنها دين بدين؛ وهذا على الحديث الذي جاء في السلعة إن أدركتها الصفقة قائمة مجتمعة وليس ذلك بصحيح؛ بل لا تجوز الإقالة فيها عند ابن القاسم وروايته عن مالك، كان الضمان من البائع أو من المبتاع، يبين ذلك من مذهبهما ما ذكرته مما وقع في التفسير.
[مسألة: أتيا إلى رجل فابتاع أحدهما منه جاريته ونقد الثمن]
مسألة وسئل: عن رجلين أتيا إلى رجل فابتاع أحدهما منه جاريته ونقد الثمن، ثم أتيا بعد ذلك ليقبضا الجارية؛ فقال كل واحد منهما: أنا الذي دفعت إليك الثمن فهي لي؛ ولم يعرف البائع ممن باع، ولا من أعطاه الثمن منهما؛ قال: إذا قال بعتها من واحد منهما وقبضت منه الثمن ولا يدري أيهما هو، وحلف كل واحد منهما بالله إنه هو الذي اشترى ونقد الثمن؛ وكانت الجارية بينهما ويرد الثمن، فيكون بينهما أيضا.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال؛ لأن كل واحد منهما يدعي أنه دفع إليه الثمن في الجارية وهو لا يكذب واحدا منهما، فوجب أن يبرأ إليهما بالجارية والثمن؛ لأن كل واحد منهما يقول له: لا بد أن تدفع إلي الجارية أو ترد علي الثمن؛ ويحلف كل واحد منهما، أنه اشترى الجارية