بردته، وما أقر به، أو بايع بعد الحجر عليه لم يدخل في ماله إلا أن يتوب، وروي مثل ذلك عن مالك، وعلى هذا يأتي ما في كتاب ابن المواز من أن المرتد إذا تزوج في ردته، ودخل بها فلها الصداق في ماله إن كان صداق مثلها؛ لأن المعنى في ذلك إذا كان ذلك قبل أن يعلم الإمام بارتداده، فيحبسه للقتل، ويحجر عليه؛ إذ لا اختلاف في أنه ليس لها صداق في ماله إن قتل على ردته أو مات فيها إذا كان تزوجه بعد أن حجر عليه فيه وإن دخل، وإنما الاختلاف إذا تزوج قبل أن يحجر عليه ودخل، فقتل على ردته أو مات فيها، فقيل: إن لها صداقها، إلا أن يكون أكثر من صداق مثلها، وهو المنصوص عليه لابن القاسم، وقيل: إنه لا صداق لها، وهو مذهب سحنون، وظاهر هذه الرواية، وقد ذكرت لأصبغ فردها بالتأويل إلى المعلوم من مذهبه، فقال: ذلك إذا تزوج بعد الحجر عليه، وهو تأويل محتمل ينتفي به الخلاف عن ابن القاسم، وبالله التوفيق.
[مسألة: إذا أخفى الرجل دينا فأتى تائبا منه]
مسألة قال ابن القاسم: إذا أخفى الرجل دينا، فأتى تائبا منه قبلت منه توبته ولم يقتل، قال: وإن أخذ على دين أخفاه مثل الزندقة أو اليهودية أو النصرانية، وكان دينا يخفيه قتل ولم يستتب؛ لأن توبته لا تعرف، وإن أنكر ما شهد عليه به لم يقبل إنكاره، وقتل ولم يستتب، وإن ادعى التوبة أيضا لم تقبل توبته.
قال محمد بن رشد: هذا أمر متفق عليه في المذهب، أن المرتد المظهر الكفر يستتاب، وأن الزنديق والذي يسر اليهودية أو النصرانية أو ملة من الملل سوى ملة الإسلام يقتل ولا يستتاب، والشافعي يرى أنهما يستتابان جميعا الذي يعلن الكفر والذي يسره إذا ظهر عليه وحضرته البينة فيه، وعبد العزيز بن أبي سلمة يرى أنهما يقتلان جميعا، ولا يستتاب واحد منهما على ظاهر قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من بدل دينه فاقتلوه» وقد مضى هذا في رسم الأقضية الثاني، من سماع أشهب.