وإنما حصل الاختلاف في الصرف على هذا الوجه من الخيار لأنه خيار أوجبه الحكم لم ينعقد عليه الصرف، فلم ير له في هذا القول تأثيرا على صحة عقد الصرف كالعبد يتزوج بغير إذن سيده، والسفيه بغير إذن وليه فيكون سيد العبد وولي اليتيم بالخيار في رد النكاح أو إجازته، والخيار في النكاح لا يجوز، وقد مضى هذا المعنى في رسم تأخير صلاة العشاء من سماع ابن القاسم قبل هذا من هذا الكتاب، وسيأتي فيه في رسم يشتري الدور والمزارع من سماع يحيى.
[مسألة: يبضع مع الرجل بالبضاعة يشتري له بها ثم يريد أن يبيع مرابحة]
مسألة وسئل مالك عن الرجل يبضع مع الرجل بالبضاعة يشتري له بها ثم يريد أن يبيع مرابحة أعليه أن يبين ذلك إذا باع مرابحة؟ قال: أرأيت كل من ابتاع شيئا أهو الذي يلي الشراء لنفسه؟ ما أرى ذلك عليه إذا كان أمرا صحيحا لا دخل فيه.
قال محمد بن رشد: تكررت هذه المسألة في هذا السماع من كتاب المرابحة وفي سماع ابن القاسم منه أن عليه أن يبين إذا باع مرابحة أن غيره اشتراها له. ووجه هذه الرواية أن شراء المشتري مرابحة لم يقع على أن البائع هو المتولي لشراء السلعة حتى يشترط ذلك لما ذكره في الرواية من أن الرجل قد يشتري له غيره، وحمله في سماع ابن القاسم على أن البائع هو الذي ولي شراء ما باع مرابحة حتى بين أنه لم يشترها هو فأوجب للمبتاع أن يرد إذا علم؛ لأن من حجته أن يقول إنما اشتريت منك مرابحة على شرائك لعلمي ببصرك في الشراء وأنك لا تخدع فيه، ولو علمت أن غيرك اشتراها لك لما ابتعتها منك مرابحة، ولكلا القولين وجه، وقد مضى القول على ذلك في كتاب المرابحة، في أول سماع ابن القاسم، وبالله التوفيق.