في حشف التمر لعمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: وسمعت مالكا في حديث عمر بن الخطاب في الصاع من التمر، قال: يحشف له، قال: يريد يقشر له، فقيل له: تفسير يحشف؟ قال: ينزع له قشره والحشف.
قال محمد بن رشد: هذه الحكاية عن عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تدل على أنه ينتقى له التمر فيأكل طيبه، وذلك جائز لا بأس به بإجماع من العلماء، قال الله عز وجل:{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ}[الأعراف: ٣٢] ، وهي خلاف لما ذكره مالك في موطئه عن أنس بن مالك أنه قال: رأيت عمر بن الخطاب وهو يومئذ أمير المؤمنين يطرح له صاع من تمر فيأكله حتى يأكل حشفه. وهذا يدل على أنه كان يقتصر في أكله على التمر، وأنه كان لا يأكل حتى يجوع، وأنه كان لا ينقى له من حشفه فيأكله بحشفه، لأنه كان مخشوشنا في طعامه لا ينتقيه، والحشف الرديء من التمر المسوس من اليابس، وللعرب مثل تضربه فيمن باع شيئا رديا وكال كيل سوء، قالت: أحشفا وسوء كيله بكسر الكاف. وقد روى عن حفصة بنت عمر، قالت لعمر: يا أمير المؤمنين، لو لبست ثوبا هو ألين من ثوبك، وأكلت طعاما هو أطيب من طعامك فقد وسع الله من الرزق وأكثر من الخير، قال: إني سأخاصمك إلى نفسك، ألا تذكرين ما كان يلقى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من شدة العيش؟ فما زال يذكرها حتى