الحديث، أو فساد في الأرض على ما نصه الله في محكم التنزيل، وإنما توقف مالك في هذه المسألة لما خشي أن يكون هذا الفعل من السحر الذي يحكم على فاعله بالكفر، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ}[البقرة: ١٠٢] وليس هذا من السحر بسبيل، إنما السحر ما يفعله الساحر في غير المسحور فيتأذى به المسحور بما يصيبه به من ذهاب عقله، حتى يخيل إليه بأنه يفعل الشيء ولا يفعله، ويتوهم رؤية المستحيلات من الأمور، وإنما هذا من ناحية ما يسقاه الرجل أو يطعم إياه من الأشياء المسمومة، التي تأتي على نفسه أو يصيبه بلاء في جسمه أو اختلال في عقله، فإن أتت على النفس وجب على الفاعل في ذلك القتل، فإن لم تأت على النفس لم يجب عليه في ذلك إلا الضرب والسجن، إلا أن يكون أراد بما سقاه من ذلك ذهاب عقله لأخذ ماله، فيكون ذلك من الغيلة الموجبة للقتل، فيحتمل أن يكون ظن مالك هذا بهذه المرأة ولم يتحققه، ولذلك توقف في قتلها ولم يوجبه.
[مسألة: أخذ المال على سبيل المحاربة]
مسألة وسئل عن رجلين لقيا رجلا نحو عين القسري وفي ثوبه رطب، فسألاه من الرطب فأبى، فأخذاه وكتفاه ونزعا منه الرطب وثوبه، ثم وجد فقال: سألني الأمير عن ذلك، قيل له فما قلت له فيهما؟ فقال: إنه ليقول قاتل حارب، قيل أفترى ذلك؟ قال: إنهما ليشبهان ذلك، وما أرى من أمر بين في القتل والصلب والقطع، قيل لمالك: إن رجلين بالأندلس أخذا ومعهما دابتان فسئلا عنهما، فقالا: أما إحداهما فوجدناها ترعى في فحص فلان فأخذناها، وأما هذه الأخرى فوجدنا عليها رجلا فأنزلناه عنها وأخذناها منه، فقال: هذه مثل الأخرى الذي نزعا منه الثوب والرطب.