اختلف إذا اشترى شياها أو نوقا مصراة صفقة واحدة، فردها بعيب تصريتها؛ فقيل: إنه لا شيء عليه فيما احتلب منها، بخلاف الشاة الواحدة؛ لقوله في الحديث:«من اشترى شاة مصراة» . . . الحديث. وقيل: عليه فيها كلها صاع واحد على ظاهر قوله في الحديث الآخر: «لا تصروا الإبل والغنم، فمن ابتاعها فهو بخير النظرين؛ بين أن يحلبها إن رضيها أمسكها، وإن سخطها ردها وصاعا من تمر» . وقيل: إن عليه في كل شاة أو في كل ناقة صاعا من تمر، وهو الأظهر، والله أعلم، والبقر في ذلك بمنزلة الإبل والغنم؛ وأبو حنيفة لا يرى الرد بعيب التصرية، ويقول: إن الواجب في ذلك الرجوع بقيمة العيب، ورأى أحاديث المصراة منسوخة؛ واختلف المتكلمون على مذهبه في الناسخ لها ما هو اختلافا كثيرا في أكثره بعد، ولم أر لذكره وجها.
[مسألة: التجارة في الخصيان]
مسألة وسئل عن التجارة في الخصيان، فقال: ترك التجارة في الخصيان أحب إلي، وأما تحريمه فلا، قيل له: لأن شراءهم قوة على خصائهم، قال: نعم.
قال محمد بن رشد: هذا نحو ما في أول رسم من سماع أشهب، من كتاب الأقضية، أنه لا بأس أن يشتري الرجل لنفسه الخصي والاثنين، ولا أحب له أن ينفق لهم؛ يعني يتخذهم متجرا، والمعنى في كراهة ذلك بين، ولم ير شراء الرجل الاثنين والواحد منهم مما ينفقه، ويكون قوة على خصائهم؛ لأنه قد علم أنه لا يشتريهم إلا القليل من الناس، فإذا كان القليل من الناس لا يشتريهم منهم إلا الواحد والاثنين، لم يكن ذلك تنفيقا لهم؛ وقد كان لمالك خصي، ولعمر بن عبد العزيز، وبالله التوفيق.