فإذا أكرهه الإمام على أخذ القيمة منه، لم يكن عليه في ذلك بأس؛ وأما شراؤه من العامل صدقات غيره، فذلك جائز إن كانوا يضعون ذلك في مواضعه؛ لقوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لا تحل الصدقة لغني، إلا لخمسة - فذكر فيهم: أو رجل اشتراها بماله» .
وأما إذا كانوا لا يضعون ذلك مواضعه، فقد قيل: إن الشراء منهم سائغ؛ لأن البيع لهم جائز، وإنما يقع عداؤهم على الأثمان، - قاله ابن حبيب في الوالي يعزل العمال الظلمة فيرهقهم ويعذبهم في غرم يغرمهم لنفسه، أو ليرده إلى أهله، فيلجئهم ذلك إلى بيع أمتعتهم ورقيقهم، والصحيح ما ههنا، أن ذلك لا يحل ولا يجوز؛ لأنه بيع عداء؛ إذ الواجب أن يقسم على المساكين على ما هي عليه، ولا تباع إلا على وجه نظر، مثل أن يحتاج الإمام أن ينقل الزكوات من بلد إلى بلد لحاجة نزلت بأهل ذلك البلد، فيخاف أن يذهب الكراء ببعضها، فيرى أن تباع ويشتري في ذلك البلد بالثمن مثله فيقسم؛ أو يقسم الثمن فيه فيسد للمساكين مسده، فإذا باع الزكوات ليستأثر بها، أو ليتعدى فيها، فهو كمن تعدى على سلعة رجل فباعها، فلا يحل لأحد شراؤها.
[يأتيهم الساعي فيجد لأربعة نفر أربعين شاة فيأخذ منها شاتين]
من سماع يحيى بن يحيى من كتاب أوله يشتري الدور والمزارع
قال يحيى: قال ابن القاسم في القوم يأتيهم الساعي فيجد لأربعة نفر أربعين شاة، لكل واحد منهم عشرة، عشرة، فيأخذ منها شاتين، أنهم يكونون كالخلطاء في الشاة الواحدة، وتكون مصيبة الشاة الأخرى على صاحبي الشاتين؛ لأنها مظلمة دخلت عليهما بغير سبب