ولو كان المقدار لا يسامح فيه الصرف لوقع الناس في ذلك في حرج شديد والله يقول:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[الحج: ٧٨] .
وأما قوله وهو يشبه عندي أن لو قاما إليه جميعا، فلا شك أن قيامها إليه جميعا بعد التقابض أخف من قيام أحدهما إليه وحده، وقد قيل: إن قوله هذا مخالف لكراهيته في المدونة أن يتصارفا في مجلس ثم يقومان فيزنان في مجلس آخر، وليس هو عندي خلافا له؛ لأن مسألة المدونة فإنما بعد عقد التصارف وقبل التقابض من مجلس إلى مجلس ولا ضرورة تدعو إلى ذلك وهذه مسألة إنما قاما فيها بعد التقابض للضرورة الماسة في ذلك.
[مسألة: يكون له على الرجل عشرة دنانير مجموعة فيزنها فيجدها تزيد خروبة]
مسألة وسئل مالك عن الرجل يكون له على الرجل عشرة دنانير مجموعة فيزنها فيجدها تزيد خروبة فقال له الغريم: لا تقطعها وأنا أعطيك الخروبة الآن ذهبا.
فقال: لا يعجبني هذا، فقيل له: لا يعجبك هذا؟ فقال: نعم.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة يجتمع فيها مراطلة وقضاء الدنانير المجموعة، وفيها ثلاثة أقوال: أحدهما أن ذلك لا يجوز كانت الدنانير من بيع أو قرض، وهي رواية ابن القاسم عن مالك في أصل السماع وأحد قولي أشهب، والثاني أن ذلك يجوز كانت من بيع أو قرض، والثالث أن ذلك يجوز إن كانت من قرض، وإن كانت من بيع لا يجوز، وهو قول ابن حبيب في الواضحة، وقد قيل: إن في المسألة قولا رابعا، وهو أن ذلك يجوز في البيع ولا يجوز في السلف، وهو قول ابن القاسم في رسم إن أمكنتني من سماع عيسى، والصواب أن ذلك ليس بقول رابع لأنه إنما