قال محمد بن رشد: هذه مسألة قد مضى الكلام عليها مستوفى في أول سماع عيسى، فلا معنى لإعادته.
[مسألة: أيجوز للإمام أن يعفو عن القاتل]
مسألة وسئل على المسلم يقتل المسلم عمدا الذي لا ولي له إلا المسلمون أيجوز للإمام أن يعفو عن القاتل؟ قال: لا ينبغي له أن يهدر دم المسلم، ولكن يستقيد منه، قيل فالنصراني يقتل النصراني عمدا الذي لا ولي له إلا المسلمون ثم يسلم القاتل أترى أن يقتل به؟ قال: العفو عن مثل هذا أحب إلي من قتله، وذلك أن حرمته إذا أسلم أعظم من حرمة الكافر المقتول، قال: ولو كان للمقتول أولياء كان لهم القود؛ لأنهما كانا على دين واحد يوم قتله، فإذا صار أمره إلى الإمام فالعفو عندي أعجب إلي وإن كان القود قد لزمه، قيل له أفيعفو على أخذ الدية للمسلمين أو بغير دية.
قال محمد بن رشد: لم يجب عما سأله عنه من العفو الذي اختاره هل يكون على أخذ الدية للمسلمين أو بغير دية، والجواب عن ذلك على قوله أن يعفو عندي بغير دية للمسلمين، والدليل على أن ذلك مذهبه في هذه الرواية تفرقته فيها بين المسلم الذي يقتل المسلم ولا ولي له إلا المسلمون وبين النصراني يقتل النصراني ثم يسلم القاتل ولا ولي للمقتول إلا المسلمون، فقال في المسلم يقتل المسلم الذي لا ولي له إلا المسلمون إنه لا يجوز للإمام أن يعفو عن القاتل، وقال في النصراني يقتل النصراني ثم يسلم القاتل ولا ولي للمقتول إلا المسلمون: العفو أحب إليه فيه، فلو كان لا يجوز له أن يعفو عنه إلا على الدية لكان ذلك كالمسلم يقتل المسلم سواء؛ إذ ليس للإمام أن يعفو عنه إلا على دية يأخذها منه للمسلمين إن رأى ذلك على وجه نظر لهم، وعلى ما