قال: أهل الشرك نرثهم ولا يرثونا، والصحيح في الرواية أنه قال: أهل الشرك لا نرثهم، ولا يرثونا، ومن ذهب إلى هذا لم يبلغه الحديث، فقال: إن المسلم يرث الكافر، ولا يرث الكافر المسلم، قياسا على المسلم يتزوج الكافرة، ولا يتزوج الكافر المسلمة، ولا اختلاف في أن الكافر لا يرث المسلم. والقول الثالث: قول أهل العراق: إن المسلم يرث المرتد، ولا يرث الكافر الذي يقر على دينه.
وأما الزنديق ومن أسر الكفر فظهر عليه، فإنه يقتل ولا يستتاب ولا يقبل منه توبته، وإن تاب؛ إذ لا يصدق فيها ويكون ميراثه لورثته من المسلمين على مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك، خلاف قول مالك في رواية ابن نافع عنه، واختيار ابن عبد الحكم.
ووجه قول ابن القاسم وروايته عن مالك أن القتل حد من الحدود يقام عليه بما شهد به عليه من الكفر، ولا يصدق في الرجوع عنه إلى الإسلام؛ إذ لم يكن مقرا بالارتداد، ومراعاة أيضا لقول من يرى أن المرتد يقتل وإن رجع إلى الإسلام على ظاهر قول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «من غير دينه، فاقتلوه» والميراث بخلاف ذلك؛ لأنه مسلم في ذلك في الظاهر، فلا يحرم الورثة ميراثه إلا بيقين ومراعاة لمن يقول: إن المسلم يرث الكافر بكل حال، فقول ابن القاسم وروايته عن مالك أظهر من قول مالك في رواية ابن نافع عنه: يسن بأموالهما سنة دمائهما، وبالله التوفيق.
[مسألة: استاتبة أهل الأهواء]
مسألة وأما أهل الأهواء الذين هم على الإسلام العارفين بالله، غير المنكرين له مثل القدرية والإباضية وما أشبههم ممن هو على غير ما عليه جماعة المسلمين، والتابعين لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من البدع والتحريف لكتاب الله وتأويله على غير تأويله، فأولئك يستتابون أظهروا ذلك أو أسروه فذلك سواء؛ لأن إظهارهم ذلك