من قبل صاحب الزرع قال لهم: احصدوا لي هذا الزرع، وهو يظن أنه زرعه، وكان صاحب الزرع لا أجراء له ولا عبيد، ولا يجد بدا من أن يستأجر على حصاد زرعه، فإن عليه أن يدفع للذي استأجر الحصادين قيمة عمل الأجراء، ويكون للأجراء على الذي استأجرهم أجرتهم التي استأجرهم عليها.
قال محمد بن رشد: مثل هذا حكى ابن حبيب في الواضحة سواء. وقد قيل: إنهم لا شيء لهم عليه، وإن لم يكن له عبيد ولا أجراء؛ إذ لم يستأجرهم، وهو ظاهر قول ابن القاسم في أول مسألة من سماع يحيى، من كتاب البضائع والوكالات والخصام. وقال محمد بن جعفر: إنه إن كان له عبيد وأجراء، فله أن يستعملهم في مثل ما عملوا له، وهو قول له وجه، وبالله التوفيق.
[مسألة: استأجر أجراء يحرثون له أرضا فذهبوا يحرثون أرضا لغيره]
مسألة وسئل ابن القاسم عن رجل استأجر أجراء يحرثون له أرضا، فذهب الأجراء يحرثون أرضا إلى جنب أرضه وهم لا يعلمون، وإنما جاء الخطأ من قبل الأجراء، أترى على صاحب الأرض الذي حرثت له أرضه أجرة ما عملوا؟ قال: إن زرعها وانتفع بذلك الحرث كان ذلك عليه، وإن لم ينتفع به، وقال: لم أرد أن أزرعها، وإنما أردت أن أكريها، فلا أرى عليه شيئا.
قال محمد بن رشد: قال في هذه المسألة: إنه إن زرع الأرض وانتفع بحرثها كان عليه الأجرة للذي أخطأ في حرثها. ومعنى ذلك إذا لم يكن له بقر وعبيد وأجراء على ما قاله في المسألة التي قبلها، وقد مضى القول فيها. ومن الناس من حمل هذه المسألة على ظاهرها، فقال في المسألة ثلاثة أقوال؛ إيجاب الأجرة على كل حال، وسقوطها على كل