طلبته منه، لصدق في ذلك دون يمين؛ لقولها: ليس لي عليك شيء، فلما كان الزوج مقرا لها بالمتاع، لم ينتقل ملكها عنه إلى الزوج بقولها: ليس لي عندك شيء؛ لأنه في ظاهره إخبار بكذب، إلا أن يتبين أنها أرادت أنها قد تركته له على وجه المباراة، فلذلك قالت: ليس لي عندك شيء، فلهذا قال مالك: يسأل الشهود الذين حضروا، فإن قالوا: الذي كنا نرى أنهما أرادا المباراة، جاز ذلك عليها، ولم يكن لها شيء، وإن قالوا: الذي كنا نرى أنهما لم يريدا وجه المباراة، أخذت متاعها، ولزم الزوج الطلاق. ورأى الأمر على ما وقع محمولا على المباراة إذا لم يتبين للشهود ما أراده، وذلك بين من قوله في آخر المسألة: إن الشهود إذا لم يشهدوا إلا على مقالتهما فلا شيء على الزوج، صحيح في المعنى أيضا؛ لأن سكوتها على قوله للشهود: اشهدوا أنها قد برئت مني، وبرئت منها، دليل على إقرارها بإرادة المباراة، وفي إعمال شهادة الشهود بما يظهر إليهم من قصد المشهود عليه وإرادته اختلاف أجازها هنا، وفي سماع أصبغ من كتاب التدبير، وزاد أصبغ: إن للشاهد أن يبث الشهادة بذلك، ولم يعملها في رسم الكبش من سماع يحيى، من كتاب الأيمان بالطلاق.
[مسألة: صالح امرأته بعد فطام ولده منها]
مسألة وسئل عمن صالح امرأته بعد فطام ولده منها، على أن عليها كفل ولده منها ثلاث سنين لا تتزوج، فقال: أليس قد كانت ترى أن هذا الشرط لا يجوز؟ وأنه ليس من شروط الناس، وثلاث سنين عشرة. أرأيت إن قال لها: لا تتزوج خمسين سنة؟ يشترط تحريم ما أحل الله، قيل له: أرأيت إن اشترط عليها ألا تنكح حتى تفطم ولدها؟ فقال: يشترط عليها تحريم ما أحل الله لها، قيل له: أفترى لها أن تنكح؟ فقال: لا أدري. قال الله عز وجل:{لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا}[المائدة: ٨٧] يصالحها هذا على تحريم