[مسألة: دابتين كانتا له ولامرأته ولابنته فقال الحلال علي حرام إن انتفعت بشيء منهما]
مسألة وسأل مالكا رجل: عن دابتين كانتا له ولامرأته ولابنته، فقال: الحلال علي حرام إن انتفعت بشيء منهما.
فقال: يسلم ذلك إليهما فيبيعانهما ولا أحب له أن يجعل ثمنهما في شيء ينتفع به ولا في دابة أخرى ولا يجعله في كسوة أحد ممن يلزمه كسوته ويكف عنه بذلك الكسوة التي كانت تلزمه ولا في شيء مما تلزمه النفقة لا بد له منه، ولكنهما يجعلا فيه بعد هذا فيما شاءا لا يفرض لهما فيه ولا يدخلان ثمنه في شيء مما يرفع به النفقة عنه، قال أصبغ بن الفرج: إنما معنى هذا في فتيا مالك أن الحالف أراد أن يسلمه ذلك إليهما، فأما من حلف على ثوبه أو عبده ألا ينتفع به فليحبسه ولا يبعه ولا يهبه ولا يتصدق به؛ لأنه إذا فعل فقد انتفع به، وهذا إذا حلف ألا ينتفع بشيء من ثمنه، فإن لم يرده فلا بأس أن يبيعه وينتفع بثمنه ويهبه إن شاء.
قال محمد بن رشد: قول أصبغ هذا إذا اعتبرته متناقض يرد آخره أوله، أما قوله أولا: إنما معنى هذا في فتيا ملك أن الحالف أراد أن يسلم ذلك إليهما، فأما من حلف على ثوبه أو عبده ألا ينتفع به فليحبسه ولا يبعه ولا يهبه ولا يتصدق به لأنه إذا فعل ذلك فقد انتفع به فهو صحيح؛ لأنه معنى قول مالك على ما قال؛ لأن من حلف ألا ينتفع بشيء ولم تكن له نية في وجه من وجوه الانتفاع ولو كان ليمينه بساط مذكور يحمل عليه، ولا مقصد مظنون يرد إليه فالواجب أن يحمل الانتفاع على عمومه في كل شيء، فلا ينتفع به في وجه من وجوه المنافع ولا بثمنه ولا بهبته ولا يتصدق به ولا يعتقه إن كان عبدا؛ لأن ذلك كله انتفاع، ولا يبرأ إلا بحبسه دون انتفاع أو إهلاكه فيما لا يحمل عليه في الدنيا ولا يثاب عليه في الأخرى، وأما قوله آخرا: وهذا إذا حلف ألا ينتفع بشيء من ثمنه فإن لم