وقد علم أن الصلاة لا تأمر ولا تنهى، وكان الحكم للمعنى، وقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه» . وهذا كذب في ظاهره إذ ليس أبدا بعصاه على عاتقه، وليس بكذب ولكنه إخبار عن معنى عُلم المقصود به، فكان الحكم له، وهذا كثير يعز إحصاؤه، ولا يمكن استقصاؤه، وقد مضت مسألة الخرج في رسم أخذ يشرب خمرا من سماع ابن القاسم والقول فيها بما فيه كفاية فلا معنى لإعادته وبالله التوفيق.
[مسألة: قال لامرأته إن خرجت إلى بيت فلان إلا بإذني فأنت طالق]
مسألة وعن رجل قال لامرأته إن خرجت إلى بيت فلان إلا بإذني فأنت طالق، فخرجت فلما علم قال لها: إني قد حلفت ألا تخرجي إلا بإذني فقد خرجت فاعتدي، ثم ذكر أنه قد كان أذن لها.
ففكر فقال: أرى قوله لها اعتدي طلاقا، فإن تدارك الرجعة قبل أن تحيض ثلاث حيض كان أملك بها، وإن حاضت ثلاث حيض قبل أن يراجعها كانت أملك لنفسها، قلت: إنما قال لها اعتدي من الطلاق الذي ظن أنه حنث فيه ولم يحنث، قال: أترى أن لو أتاني وقد حاضت ثلاث حيض وبانت منه وادعى نية أكنت أنويه فيها؟ لا أراه إلا وقد بانت منه إن لم يرتجعها قبل أن تنقضي عدتها، قال ابن القاسم: وإنما هي عندي بمنزلة من قال: قد طلقتك فاعتدي، وقال ابن وهب مثله.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة فيها نظر، والذي يوجبه فيها القياس والنظر ألا يلزمه فيما بينه وبين الله في قوله لها فاعتدي طلاق إذا تحقق أنه لم يلزمه فيها طلاق وتؤمر له بالعدة، ويبين هذا ما صرفنا إليه