أهل العلم من أوجب الوضوء من مس الذكر، ومنهم من لم يوجبه، ومنهم من فرق بين العمد والنسيان، فاستعمل الآثار الواردة في ذلك، ولم يطرح منها شيئا. والأقوال الثلاثة قائمة في المذهب لمالك، روى أشهب عنه في كتاب الوضوء أنه قال: من مس ذكره انتقض وضوؤه. فظاهره في العمد والسهو، وروي عنه في كتاب الصلاة أنه سئل عن مس الذكر فقال: لا أوجبه رأيا، فروجع في ذلك فقال: يعيد ما كان في الوقت، وإلا فلا، فظاهره أيضا في العمد والسهو. وروى ابن وهب عنه في سماع سحنون من كتاب الوضوء، القول الثالث إنه لا إعادة عليه إلا أن يمسه عامدا، وإلى هذا يرجع ما في المدونة على تأويل بعض الناس، وقد تأول ما فيها على الظاهر من التفرقة بين باطن الكف وظاهره، ومن غير اعتبار يقصد، ولا وجود لذة. وهذا كله إذا مسه على غير حائل. واختلف قوله إن مسه على حائل خفيف على قولين: أحدهما: أنه لا وضوء عليه. وهو قول مالك في رواية ابن وهب عنه في سماع سحنون، من كتاب الوضوء، اتباعا لظاهر هذا الحديث. والثاني: أن عليه الوضوء، وهو قوله في رواية علي بن زياد، عن مالك. وأما إن كان الحائل كثيفا، فلا وضوء عليه قولا واحدا. وقد مضى هذا كله في هذا الرسم من هذا السماع من كتاب الوضوء لتكرر الحديث هناك.
[يصبح جنبا في رمضان]
ما جاء في الذي يصبح جنبا في رمضان وحدثني عن ابن القاسم عن مالك عن يزيد بن عبد الملك بن المغيرة، عن يزيد بن خصيبة، عن السائب بن يزيد، «عن عمر بن الخطاب أنه قال: صلى بنا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، والله لينفض رأسه بيده فيتطاير عنه الماء من غسل الجنابة في رمضان» .