وهو دليل قوله في هذه الرواية، والحجة لذلك قول الله عز وجل:{وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}[الطلاق: ٦] لإجماع أهل العلم أن لهن النفقة والكسوة. فعلى هذا القول، إن قال ملتزم النفقة لم أرد بما التزمت إلا الطعام دون الكسوة، لم يصدق. والثاني: أن الكسوة غير داخلة تحت لفظ النفقة بدليل ما وقع في كتاب الرواحل والدواب من المدونة من إجازة استئجار الأجير بنفقته.
وقوله: إنه إن اشترط الكسوة، فلا بأس بذلك، إذ لو كانت الكسوة داخلة في النفقة عنده لما احتاج إلى اشتراطها، فعلى هذا لا يلزم من التزم النفقة الكسوة، إلا أن يتطوع بها أو يقر على نفسه أنه أرادها.
والثالث: أن دخول الكسوة تحت لفظ النفقة ليس بظاهر من اللفظ، وإنما هو محتمل له احتمالا ظاهرا، فإن قال الملتزم على هذا القول: لم أرد الكسوة صدق دون يمين، أو بيمين على الاختلاف في لحوق يمين التهمة، وإن قال: لم تكن لي نية، ألزم إياهما جميعا. وقال عبد الملك لا يفرض للموصى له بالنفقة الخدمة ولا يكون ذلك له إلا بوصية من النوادر، وهو ظاهر ما يأتي في رسم أوصى من سماع عيسى والذي أقول به: إذا كان الموصى له بالنفقة لا يستغني عن الخدمة فيدخلها من الخلاف ما دخل الكسوة، وبالله التوفيق.
[مسألة: لا يجوز للوصي أن يدفع إلى اليتيم من من ماله]
مسألة وسئل فقيل له: إن عندي يتيما قد أخذ بوجهه، والذي له عندي ستون دينارا، وقد سألني أن أعطيه خمسة عشر دينارا يتجه بها إلى خاله بمصر، يرجو صلته ونفعه، أفترى أن أعطيه؟ فقال: ما أرى ذلك يجوز، وما أرى أن تعطيه إلا بأمر السلطان، وما لك تدعه يخرج إلى مصر؟، فقال: إنه رجل قد أخذ بوجهه، وهو يغلبني ولو