قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قاله لأن مال اليتيم إذا استهلكه صار دينا من الديون في ذمته، لا مزية له على سائر الديون، فوجب أن يكون أسوة الغرماء، ولا خلاف في هذا أعلمه عند أحد من العلماء، وبالله التوفيق.
[مسألة: إذا صالحه وهو لا يعرف أن له بينة فله أن يقوم عليه ببقية حقه إذا وجد بينته]
مسألة وسئل عن رجل كان له على رجل ذكر حق فضاع كتابه منه ونسي شهوده فاقتضاه فجحده بعض الحق وقال: ما لك علي إلا مائة دينار، وقال الآخر: بل لي عليك مائتا دينار ولكن قد ضاع كتابي وما أحفظ ما أشهدت عليك فيه فيصالحه على أن يزيده على المائة ويحط عنه من المائتين، ثم يجد بعد ذلك كتابه وفيه أسماء شهوده فيقوم بذلك، أترى أن له عليه نقض ما كان صالحه عليه؟ قال: إذا عرف هذا من قوله فإني أرى ذلك عليه، وأرى أن يغرم له بقية حقه.
قال محمد بن رشد: قوله إذا عرف هذا من قوله يريد إذا عرف من قوله قبل الصلح أن له ذكر حق قد ضاع منه وما يعرف شهوده، ففي هذا دليل على أنه إن لم يعرف ذلك من قوله فلا قيام له عليه في نقض الصلح، وذلك خلاف ما في كتاب الصلح من المدونة أنه إذا صالحه وهو لا يعرف أن له بينة فله أن يقوم عليه ببقية حقه إذا وجد بينته مثل ما في كتاب الجدار لمالك أنه إذا صالحه وهو جاهل ببينته أنه لا حق له، وقد يحتمل أن يكون معنى قوله: إنه إذا عرف هذا من قوله رجع ببقية حقه دون يمين، وإن لم يعرف ذلك من قوله لم يكن له أن يرجع عليه إلا بعد يمينه أنه إنما صالحه وكتابه قد ضاع وهو لا يعرف شهوده، فلا يكون على هذا