قال محمد بن رشد: هذا كما قال؛ لأن اقتضاء الطعام من ثمن الطعام كبيع الطعام بالطعام إلى آجل على مذهب مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - وجميع أصحابه في القول بالمنع من الذرائع ولا حول ولا قوة بالله.
[باع من رجل ثوبا بنصف دينار فلم يقبضه حتى باعه بسلعة أخرى بنصف دينار]
ومن كتاب تأخير صلاة العشاء وسئل مالك عن رجل باع من رجل ثوبا بنصف دينار فلم يقبضه حتى باعه بسلعة أخرى بنصف دينار، فلما أراد أن يقبضه قال له: تعالى أعطيك دراهم نصفين، فقال له البائع: لا، لي عليك دينار،
قال: أرى أن يغرم له دينارا قال ابن القاسم: وذلك رأيي أحب أو كره.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأنه إنما يقضي لمن وجب له نصف دينار يصرفه من الدراهم من أجل أن الدينار القائم لا ينقسم، فإذا وجب له نصفان أعطاه دينارا قائما كما ثبت له في ذمته، ولم يكن له ليقطعه عليه ليعطيه دراهم إذا كان موسرا، ولو كان معسرا فأتاه بنصف دينار دراهم يجبر على أن يأخذه ويتبعه بالنصف الآخر، ولم يكن له أن يقول أنا أؤخره، حتى يوسر فيعطيني دينارا بمنزلة إذا كان له عليه ديناران فأتاه بدينار واحد وهو معسر.
ولو باع منه سلعة بدينار قائم فأتاه بنصف دينار دراهم وهو معسر فأبى أن يأخذه وقال: أنظره إلى أن يوسر فآخذ منه دينارا، لكان ذلك له، بخلاف إذا كان له عليه ديناران فأتاه بدينار وهو معسر فأبى أن يأخذه وقال: أنا أنظره إلى أن يوسر بالدينارين فآخذهما جملة.