ظاهر ما يأتي في رسم طلق، وفي رسم "باع غلاما"، ورسم "صلى نهارا"، وأما من أعطى رجلا شيئا في حج، فما فضل على الحج، راجع إلى المعطى ملكا؛ والفرق عند مالك بين المسألتين: أن السبيل لا نهاية له، فحمل على التبتيل، والحج له نهاية ينقضي إليها، فحمل على ذلك، ولم يحمل على التبتيل؛ فعلى قياس هذا لو أعطاه الذهب في غزوة بعينها، لوجب أن يرجع إليه ما فضل له عنها؛ ويأتي على قياس قول سعيد بن المسيب إن من أعطى رجلا ذهبا في حج يحج به، فما فضل عن الحج هو للمعطى، لا يرجع إلى المعطي؛ لأنه إذا قال ذلك في السبيل الذي لا نهاية له، فأحرى أن يقوله في الحج الذي له نهاية.
[مسألة: يهلك فيوصي بالمال في سبيل الله كيف يقسم]
مسألة وسئل مالك عن الرجل يهلك بالفسطاط، أو بقرية من القرى، فيوصي بالمال في سبيل الله، أترى أن يُبعث به إلى الثغور والرباط فيقسم، أم يعطى إن وجد أحدا بموضعه ممن يغزو؟ قال: أرى أن يعطى إن وجد أحدا ممن يغزو، فقلت له: إنه يقول إني أخاف أن يموت الذي يعطى قبل أن يبلغ غزوه، قال: وما ذلك عليه أن يقول أخاف أن يموت.
قال محمد بن رشد: إنما استحب أن يعطى ذلك بالبلد - إن وجد من يغزو منهم ولا يبعث به إلى الثغور - مخافة أن يبعث به إلى هناك، فيضيع على ما قاله بعد هذا في رسم " طلق "، وقد خير بين ذلك في رسم "الوصايا" من سماع أشهب من كتاب الوصايا، قال ابن المواز: وإنما يعطيه لمن قد عزم لا لمن لا يخرج إلا بما يعطى، وقوله يحمل على التفسير لقول مالك؛ لأن من لم يعزم على الخروج إذا أعطي على أن يخرج لعله يأخذ المال فلا يخرج.
[مسألة: ذبح الغزاة في أرض العدو من الجزر في جلودها هل يطرح في المقاسم]
مسألة وسئل مالك عما ذبح الغزاة في أرض العدو من الجزر في