يرد بذلك طلاقا مثل أن يقول: إنما أردت أن أمرها بيدها في كذا وكذا، لشيء يذكره من غير معنى للطلاق، لوجب أن ينظر في ذلك، فإن تبين كذبه ببساط يدل على أنه أراد بذلك الطلاق، كان القضا ما قضت به المرأة من البتات، وإن تبين صدق قوله ببساط يشهد له، حلف ولم يلزمه طلاق، وإن أمكن ما يدعي من ذلك، ولم يتبين فيه صدقه من كذبه، حلف على ما ادعاه، وكانت واحدة، إذ لا يصدق في إبطاله، أقل ما يلزمه بالتملك الظاهر، وإنما له أن يسقط بيمينه ما زاد على ذلك، وقد مضى في أول رسم من سماع أشهب من كتاب طلاق السنة ما يؤيد هذا في مسألة الذي كتب إلى أبي زوجته أنه قد طلقها ليأتيها.
[مسألة: بدوي قال لامرأته أمرك بيدك فقالت التمسوا لي شقتي]
مسألة وسئل مالك عن رجل بدوي قال لامرأته: أمرك بيدك، فقالت: التمسوا لي شقتي. وكان لها في بيته شقة، فأخذتها، ثم ذهبت إلى أهلها، وارتحل عنها إلى سفر، ولم يقل لها شيئا، وهو يريد بالذي قال لها: أمرك بيدك؛ الطلاق، وهي إنما أرادت بنقلتها الطلاق، ولم تقل شيئا، قال مالك: ما أرى هذا إلا فراقا حين انتقلت، وذلك الذي تريد بانتقالها وتركه إياها، وهو إنما ملكها وهو يريد الطلاق، فلا أرى ذلك إلا فراقا.
قال محمد بن رشد: الحكم في الذي يملك امرأته أمرها، فلا تجيب بشيء، وتفعل فعلا يشبه الجواب، مثل أن تنتقل، أو تنقل متاعها أو تخمر رأسها وما أشبه ذلك أن تسأل عما أرادت به، فإن قالت: لم أرد بذلك طلاقا صدقت. قاله في سماع زونان. وإن قالت: أردت بذلك الطلاق، صدقت فيما أرادت منه. قاله ابن القاسم في المجموعة.
واختلف إن قالت: أردت بذلك الفراق، ولم تكن لي نية، ففي العشرة ليحيى، عن ابن القاسم: أنها ثلاث، وهو ظاهر قول مالك في هذه الرواية، ما أرى ذلك إلا فراقا؛ لأن الفراق إذا