من المذي إلا أن يخشى أن يكون قد أصابهما منه شيء، وهو أصله أن ما شك في نجاسته من الأبدان فلا يجزئ فيه إلا الغسل بخلاف الثياب. ومن الدليل على وجوب غسل ما شك فيه من الأبدان قوله، - عَلَيْهِ السَّلَامُ -،: «إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده» فأمر بغسل اليد للشك في نجاستها، وهذا بين. وفي كتاب ابن شعبان أنه ينضح ما شك فيه من الثياب والأبدان، وهو شذوذ. وذهب ابن لبابة إلى أن يغسل ما شك فيه من الثياب والأبدان، ولم ير النضح إلا مع الغسل في الموضع الذي ورد فيه الحديث. وقال: إن نضح الحصير للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يكن لنجس، وحكى ذلك عن ابن نافع، وهو خروج عن المذهب. ويحتمل عنده أن يكون معنى قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اغسل ذكرك وأنثييك وانضح» أي: انضح واغسل ذكرك وأنثييك؛ لأن الواو لا توجب رتبة، وتكون إرادته بالنضح الصب، فكأنه قال: صب الماء على ذكرك وأنثييك واغسلهما؛ لأن الصب قد يسمى نضحا، ومنه الحديث:«إني لأعرف مدينة ينضح البحر بناحيتها» أي: يصب، والله أعلم بمراده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وبالله التوفيق.
[مسألة: الرجل يدخل حوض الحمام وهو ملآن أترى ذلك يجزيه في طهوره]
مسألة وسئل مالك عن الرجل يدخل حوض الحمام وهو ملآن، أترى ذلك يجزيه في طهوره؟ قال: نعم، إن كان طاهرا فنعم، يريد بذلك الماء والرجل جميعا.