فرغوا من المغرب قام المؤذنون يؤذنون واحدا بعد واحد كأنهم يريدون أن يبطئوا بالعشاء قليلا، قال: ذلك أحسن ولا أرى به بأسا، وذلك رفق بالناس في جمع الصلاتين. فقيل له إنه ربما تجلت السماء وانقطع المطر إلا أنه يكون الطين والوحل فيجمعون، فكأنه لم ير به بأسا، قال ما زال الناس يجمعون.
قال محمد بن رشد: سلم السائل قوله إن الجمع لا منفعة لهم فيه لتمادي المطر، وليس ذلك ببين، بل هم مع تمادي المطر في الجمع أعذر، والرخصة لهم فيه أكثر، للمشقة الداخلة عليهم في الذهاب والرجوع مرتين مع تمادي المطر.
وظاهر هذه الرواية أنه أجاز الجمع في الطين والوحل وإن لم يكن مطر ولا ظلمة، إذ لم يشترط الظلمة، وذلك خلاف قوله في المدونة والواضحة، وخلاف ما في قرب آخر الرسم الأول من سماع أشهب، وقد مضى التكلم في وقت الجمع بينهما في رسم "شك في طوافه " فلا وجه لإعادته.
[التكبير خلف الصلوات بأرض العدو]
مسألة وسئل مالك عن التكبير خلف الصلوات بأرض العدو، وقال ما سمعته، إنما هو شيء أحدثه المسودة، فقيل له: فإن بعض البلدان يكبرون دبر المغرب والصبح، فقال هو ما أحدثه المسودة.
قال محمد بن رشد: المسودة هم القائمون على بني أمية بدولة بني العباس، وكانت لهم ألوية سود فنسبوا إليها، وأنكر في هذه الرواية التكبير دبر الصلوات بأرض العدو، وسكت عنه في غير دبر الصلوات، وأجازه في الجهاد من المدونة، وفي سماع أشهب من كتاب الجهاد بحضرة العدو وبغير حضرتهم وسكت عن دبر الصلوات، فكل واحدة من الروايتين مبينة لصاحبتها. وحكى ابن حبيب أن أهل العلم يستحبون التكبير في العساكر