قال محمد بن رشد: ما كره مالك هذا، والله أعلم، إلا من وجه أن كلمة أعلى من كلمة. فلما كانت. الزيارة تستعمل في الموتى. وقد وقع فيها من الكراهة ما وقع كره أن يذكر مثل هذه العبارة في النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، كما كره أن يقال أيام التشريق واستحب أن يقال الأيام المعدودات كما قال الله عز وجل، وكما يكره أن يقال العتمة ويقال العشاء الآخرة، ونحو هذا؛ وكذلك طواف الزيارة كما استحب أن يسمى بالإفاضة كما قال الله عز وجل في كتابه:{فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ}[البقرة: ١٩٨] فاستحب أن يشتق له الاسم من هذا. وقيل: إنه إنما كره لفظ الزيارة في الطواف في البيت والمضي إلى قبر النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لما للزائر من الفضل على المزور في صلته بزيارته إياه، ولا يمضي أحد إلى قبر النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ليصله بذلك ولا لينفعه، وكذلك الطواف بالبيت، وإنما يفعل ذلك تأدية لما يلزمه من فعله ورغبة في الثواب على ذلك من عند الله عز وجل، وبالله التوفيق.
[وسم الدواب والغنم في وجوهها]
في كراهة وسم الدواب والغنم في وجوهها قال مالك: لا بأس بالوسم للحمير والبغال إذا لم يكن في الوجه، فإنه يكره أن يوسم في الوجه. قيل له: فالغنم في الأذن؟ قال: إنه يكره أن يوسم في الوجه. قال ابن القاسم: وقد قال مالك قبل ذلك لا بأس به في الأذن.
قال محمد بن رشد: كره مالك أن توسم الدواب والإبل والبقر في وجوهها لنهي النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عن المثلة، ولم ير به بأسا فيما عدا وجوهها من أجسادها. ولما لم يكن إلى وسم الغنم في أجسادها سبيل من،