في خروج الخارجة على علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال مالك: لما حكم الحكمان أبو موسى وعمرو بن العاص خرجت الخارجة التي خرجت فقالوا لا حكم إلا لله، فقال علي بن أبي طالب: ما يقولون؟ فأخبر فقال: كلمة حق أريد بها باطل. قال مالك: فهي أول خارجة خرجت. قال مالك أراهم قد تعدوا وكفروا الناس.
قال محمد بن رشد: هذه الخارجة هي الحرورية التي فارقت علي بن أبي طالب وشهدت عليه بالشرك لما رضي بالتحكيم في أمر المسلمين وخرجت عليه، فأتى علي بن أبي طالب فأخبر أنهم تجهزوا إلى الكوفة فقال: دعوهم ثم خرجوا فنزلوا بالنهروان فمكثوا فيه شهرا، فقيل له اغزهم الآن، فقال لا حتى يهرقوا الدماء ويقطعوا السبل ويخيفوا الأمن، فلم يهجهم حتى قتلوا، فغزاهم فقتلوا. وروي عن ابن عباس أنه قال: أرسلني علي إلى الحرورية لأكلمهم، فلما كلمتهم قالوا لا حكم إلا لله، قلت: أجل لا حكم إلا لله، وإن الله قد حكم في رجل وامرأة، وحكم في قتل الصيد، فالحكم في رجل وامرأة والصيد أفضل من الحكم في الأمة يرجع فيها ويحقن دماءها ويلم شعثها؟ فقال ابن الكوا: دعوهم فإن الله قد أنبأكم أنهم قوم خصمون، وهم الذين قال فيهم رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنهم يخرجون على حين فرقة من الناس وعلى خير فرقة من الناس يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية» الحديث، وبالله التوفيق.