لأبيه فأعجبته، وقد تقدمت في أول هذا الرسم والقول فيها، وإن كانت هذه أكمل بالمعنى بينها جميعا سواء، وبالله التوفيق.
[مسألة: قوم من أهل الذمة هربوا إلى العدو طائعين ثم أصيبوا بعد ذلك]
مسألة قال يحيى: وسألت ابن القاسم عن قوم من أهل الذمة كانوا في أرض مدينة المسلمين، فلما نزل بهم العدو مع رجل من المسلمين قادهم إليها، هربوا إلى العدو طائعين، ثم أصيبوا بعد ذلك، أيستحلوا أم لا؟ فقال: إن هربوا من ظلم كان يرتكب منهم؛ لم يحل لهم شيء من نسائهم ولا دمائهم ولا أموالهم، وإن هربوا من غير أن يتعدى عليهم، ولم يخافوا ذلك من ناحية أحد معروف بالظلم، فإنهم وإن أصيبوا، وقد لحقوا بأرض العدو، وفارقوا دار الإسلام فقد حلوا، قلت: فإن أصيبوا عند الذي أخرج العدو على أهل الإسلام فماذا ترى في أمرهم إن قالوا: إنما ارتحلنا إلى ناحية من دار الإسلام، ولم نخرج إلى دار العدو، ولا إلى العدو، وإنما خرجنا إلى هذا الرجل، وهو رجل من المسلمين، وإن كان قد أحدث خلافا؟ فقال: لا أرى لأحد أن يستحلهم ما كانوا في دار الإسلام، وإن كان نزوعهم إلى مثل ما وصفته، فإن لهم في ذلك عذرا وشبهة يحرم بها دماؤهم وأموالهم.
قال محمد بن أحمد: إنما لم ير أن يستباحوا حتى يلحقوا بأرض العدو، ويفارقوا دار الإسلام، وإن كانوا قد صاروا مع العدو، من أجل الرجل الذي قاد العدو، فرأى في ذلك شبهة، ولولا ذلك لكان حصولهم مع العدو الذي هربوا إليه كوصولهم إلى العدو، ولا يستباحون إذا خرجوا إلى غير