أشبه ذلك، فلا أرى أن تجوز شهادته، قال أصبغ: ثم سألته أيضا عمن استحلف أباه في حقه، وحقه حق، قال: أراه عقوقا، وإن كان حقه حقا، فلا أرى أن تجوز شهادته.
قال محمد بن رشد: اختلف في تحليف الرجل أباه في حق يدعيه فيه، أو حده على ثلاثة أقوال؛ أحدها: أن ذلك مكروه، وليس بعقوق فيقضى له بذلك، ولا تسقط به شهادته. والثاني: أن ذلك عقوق، فلا يقضى له بذلك، وهو مذهب مالك في المدونة في اليمين، في كتاب المديان، وفي الحد في كتاب القذف، وهو أظهر الأقوال وأولاها بالصواب؛ لما أوجبه الله من بر الأبوين بنص القرآن، وبما تظاهرت به الآثار، وقد روي أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«لا يمين للولد على والده، ولا للعبد على سيده» . والثالث: أن ذلك عقوق، إلا أنه يقضى له به، وتكون جرحة فيه تسقط به شهادته، وهو قول ابن القاسم في هذه الرواية، وهو بعيد؛ لأن العقوق إن كان من الكبائر، فلا ينبغي أن يمكن من فعله أحد، وبالله التوفيق.
[: تفتدي من زوجها ويقوم لها بينة يشهدون لها على السماع أن زوجها كان يضربها]
ومن كتاب النكاح قال أصبغ: وسألت ابن القاسم عن التي تفتدي من زوجها ويقوم لها بينة يشهدون لها على السماع أن زوجها كان يضربها؛ أتجوز في مثل هذا شهادة السماع؟ قال: نعم، ومن يشهد في هذا إلا بالسماع؟ يسمع في ذلك الرجل من أهله، ومن الجيران، وما أشبه ذلك، ويكون ذلك أمرا فاشيا، قلت: أفيجوز في مثل هذا شاهدان على السماع؟ فقال: السماع البين في مثل هذا، والأمر المعروف أحب إلي، وعسى بهذا أن يجوز، فأرى أن تجوز.