للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسائرهم دخلوا فيها بما ظهر لهم من البصيرة باجتهادهم، فكلهم محمود؛ لأنهم فعلوا الواجب عليهم في ذلك باجتهادهم، فلا يتأول على أحد منهم غير هذا، إذ هم خير أمة اختارهم الله لصحبة نبيه ونصرة دينه، وأثنى عليهم في غير ما آية من كتابه فقال: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: ١١٠] الآية وقال تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: ٢٩] إلى قوله {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الفتح: ٢٩] وبالله التوفيق لا شريك له.

[حكاية عن عمر بن عبد العزيز]

قال: قال مالك: قال عمر بن عبد العزيز لرجل: اشتر لي [ثوب] فرو بدينار، فاشتراه ثم جاءه به فلبسه، ثم قال له: أما زدت شيئا؟ فقال: لا، فقالت امرأته فاطمة بنت عبد الملك: إن عندنا لكذا وكذا فروا يأبى أن يلبس منها شيئا، ومن الأشياء يأبى أن يقرب منها شيئا.

قال محمد بن رشد: هذا من تواضعه وورعه وقنوعه بالدون من اللباس في خلافته، معلوم من سيرته. فقد مضى في رسم نذر سنة من سماع ابن القاسم أنه أمر رجلا يشتري له ثوبا بستمائة درهم للحاف فسخطه، فلما ولي أمر ذلك الرجل أن يشتري له كساء بسبعة دراهم، فلما جاءه به أخذه فلبسه ثم تعجب لحسنه، فضحك الرجل، فقال له: إني لأظنك أحمق تضحك من غير شيء، قال: إنما ضحكت لمكان اللحاف الذي أمرتني أن

<<  <  ج: ص:  >  >>