مسألة وسئل مالك عن أجر الكيالين، أترى أن يؤخذ ذلك من المشتري؟ قال: إن الصواب والذي يقع في قلبي أن يكون على البائع، وذلك أن المشتري لو لم يجد أحدا يكيل له، كان على البائع أن يكيل، وقد قال إخوة يوسف ليوسف:{فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا}[يوسف: ٨٨] فكان يوسف هو الذي يكيل.
قال محمد بن رشد: هذا هو المعلوم من قول مالك الذي عليه أصحابه، أن البائع هو الذي يلزم أن يكيل للمبتاع ما باع منه، وأن عليه أجر الكيال إن لم يرد أن يتولى ذلك بنفسه؛ وقد كان مالك يقول قديما: أجرة الكيل على المشتري، فعلى قوله هذا لا يلزم البائع أن يكيل، وعلى المبتاع أن يكتال لنفسه.
فقوله في الرواية: وذلك أن المشتري لو لم يجد أحدا يكيل له، كان على البائع أن يكيل، ليست بحجة؛ لأن أجرة الكيل إنما تجب على الذي عليه أن يكيل، فهي في المشهور على البائع؛ لأن عليه أن يكيل، وهي على قول مالك القديم على المبتاع؛ لأن عليه أن يكتال لنفسه، فالصحيح على أن يوفيه ما باع منه، ويفرزه بالكيل عن مالكه، كما أن على المبتاع أن يوفي البائع الثمن ويفرزه بالكيل عن مالكه، كما أن على المبتاع أن يوفي البائع الثمن ويفرزه عن مالكه بالوزن؛ واستدلاله على ذلك بقوله عز وجل:{فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا}[يوسف: ٨٨] ، صحيح على القول بأن شرائع من قبلنا لازمة لنا؛ وهو مذهب مالك، وفي ذلك اختلاف كثير قد ذكرناه في أول رسم من سماع ابن القاسم، من كتاب النكاح، فإن تولى البائع الكيل بنفسه أو أحد من قبله، فضمان ما في المكيال منه حتى