للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذ جعل يغسل الاحتلام من ثوبه حتى أسفر، فقال له عمرو بن العاص: أصبحت ومعنا ثياب فدع ثوبك يغسل، فقال: واعجبا لك يا ابن العاص! إن كنت تجد ثيابا أفكل الناس يجد ثيابا، والله لو فعلتها لكانت سنة، بل أغسل ما رأيت وأنضح ما لم أر. فقد كان أتبع الناس لسيرته وهديه في جميع الأحوال، وأيا ما كانت فهي منقبة جليلة وفضيلة عظيمة لا تستغرب منه، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

[مسألة: المستحاضة ينقطع عنها الدم في غير أيام حيضتها]

مسألة وسئل عن المستحاضة ينقطع عنها الدم في غير أيام حيضتها، فقال: إذا انقطع عنها الدم اغتسلت وصلت. قال: وسألته عن المستحاضة تصلي صلاتين بوضوء واحد، أتعيد الصلاة؟ فقال: لا، قلت له: في الوقت ولا في غير الوقت؟ قال: لا تعيد في الوقت. قلت: أفيتوضأ لكل صلاة؟ فقال: ذلك أحب إلي، ولا أدري أواجب ذلك عليها أم لا.

قال محمد بن رشد: قوله: إذا انقطع عنها الدم، يريد دم الاستحاضة الذي كانت تصلي به. وقوله: اغتسلت وصلت، يريد اغتسلت استحبابا وصلت كما كانت تصلي قبل انقطاعه، وذلك معلوم من مذهبه ومذهب جميع أصحابه. وسواء كان انقطاعه في غير أيام حيضتها أو في أيام حيضتها، إذ لا فرق بين الموضعين، فمالك لا يرى على المستحاضة غسلا إلا في أول أمرها بعد الاستظهار أو بلوغ الخمسة عشر يوما، ويستحب لها الوضوء لكل صلاة، فإن صلت صلاتين بوضوء واحد لم تعد، وقيل: إنها تعيد الآخرة في الوقت، حكى القولين ابن المواز عن مالك. ومن أهل العلم من يوجب عليها الغسل لكل صلاة، ومنهم من يوجبه من طهر إلى طهر، ومنهم من يوجب عليها أن تغسل للظهر والعصر غسلا واحدا، وللمغرب والعشاء غسلا واحدا، على ما جاء في ذلك من الآثار، وبالله التوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>