وإن كان لا يراه نجسا على الحقيقة، كأنه يقول: إن توضأ به وصلى لا يعيد إلا في الوقت. وفي رسم "النذر والجنائز والذبائح" ورسم "الوضوء والجهاد" من سماع أشهب، وفي سماع موسى بن معاوية في الخبز المعجون بمثل هذا الماء أنه لا يؤكل، وهذا وجه القول فيه. وفي غسل اللحم المطبوخ به اختلاف من رواية أشهب ورواية موسى عن ابن القاسم، وسنتكلم على ذلك إذا مررنا به إن شاء الله تعالى، وبالله التوفيق.
[مسألة: في الغسل في الفضاء]
] وسئل مالك عن الغسل في الفضاء، فقال: لا بأس بذلك.
فقيل له: يا أبا عبد الله إن فيه حديثا، فأنكر ذلك وقال تعجبا: ألا يغسل الرجل في الفضاء، ورأيته يتعجب من الحديث إنكارا له.
قال محمد بن رشد: وجه إجازة مالك، - رَحِمَهُ اللَّهُ -، للرجل أن يغتسل في الفضاء إذا أمن أن يمر به أحد هو أن الشرع إنما قرر وجوب ستر العورة عن المخلوقين من بني آدم دون من سواهم من الملائكة؛ إذ لا تفارقه الحفظة الموكلون عليه منهم في حال من الأحوال. قال الله عز وجل:{مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}[ق: ١٨] ، وقال:{وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ}[الانفطار: ١٠]{كِرَامًا كَاتِبِينَ}[الانفطار: ١١]{يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ}[الانفطار: ١٢] . ولهذا قال مالك تعجبا: ألا يغتسل الرجل في الفضاء؟ إذ لا فرق في حق الملائكة بين الفضاء وغيره، وأنكر الحديث لما كان مخالفا للأصول؛ لأن الحديث إذا كان مخالفا للأصول فإنكاره واجب إلا أن يرد من وجه صحيح لا مطعن فيه فيرد إليها بالتأويل الصحيح. وقد روي عن