بن عمر الجمحي عن ابن أبي مليكة أن عمر بن الخطاب أتي بمسك فجعل يقسمه ويجعل يده على أنفه يغطيه هكذا ووضع أشهب بذارعه وكمه على أنفه، فقيل له: يا أمير المؤمنين، وما عليك من ذلك؟ فقال: وهل ينتفع من المسك إلا برائحته. وقد فعله عمر بن عبد العزيز في خلافته.
قال محمد بن رشد: لأن هذا من فعلهما جميعا نهاية في الورع والزهد؛ لأن حرمان أنفسهما من أن يشتما ما يثور من رائحة المسك في قسمته لا يزيد في المسك ولا في رائحته ولا ينقص من ذلك شيئا، وبالله التوفيق.
[البداية بالأيمن فالأيمن]
في البداية بالأيمن فالأيمن وسئل أشهب: أيستحب أن يبتدئ الرجل بالأيمن فالأيمن في الكتاب والشهادات تكون في المسجد أو الوضوء وما أشبه ذلك؟ فقال: يستحب ذلك على مكارم الأخلاق، وأما الشيء في دين، يعني محض فقه أو علم، فلا.
قال محمد بن رشد: استحب مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - ولم يوجبه في محض الدين والفقه والعلم، إذ قد يكون في غير اليمين من يكون أحق أن يبدأ به لعلمه وخيره وسنه، فإذا استوت أحوال المجتمعين أو تقاربت كانت البداية باليمين مما يستحب في مكارم الأخلاق، لما في ذلك من ترك إظهار ترفيع بعضهم على بعض بالتبدئة به. وأما إذا كان فيهم العالم وذو الفضل