فأنت طالق كانت بمنزلته لأنه ضرب أجلا لا يدري أيبلغه أم لا، وليس هو بمنزلة من يقول أنت طالق يوم يموت أبي.
قال محمد بن رشد: في أول سماع زونان عن ابن القاسم في رجل قال لامرأته إذا بلغت معي موضع كذا فأنت طالق. فال: هي طالق تلك الساعة، كالرجل يقول لامرأته وهي حامل إذا وضعت فأنت طالق، فذهب ابن لبابة إلى أن ذلك ليس باختلاف من قوله، وأن معنى رواية عيسى إذا لم يخرج ولا عزم على المسير. ومعنى رواية زونان إذا كان قدا خرج وعزم على المسير. والصواب أن ذلك اختلاف من قوله؛ لأن في المدونة عنه من رواية عيسى أنه لا يقع عليه الطلاق وإن خرج متوجها حتى يقدم الموضع، وله في رسم يدير ما له من سماع عيسى من كتاب العتق في الذي يقول لعبده: إذا بلغت الإسكندرية فأنت حر ثم بدا له في الخروج، أنه حر إلى ذلك القدر الذي يبلغ خرج أم لم يخرج، فعلى هذا يعجل عليه الطلاق وإن لم يخرج.
فيتحصل في المسألة ثلاثة أقوال: أحدها أنه لا يعجل عليه الطلاق وإن لم يخرج، وهو ظاهر ابن القاسم في سماع زونان، والذي يأتي على ما في سماع عيسى من كتاب العتق، والثاني أنه لا شيء عليه حتى يقدم البلد وإن خرج، وهو قول ابن القاسم في المدونة وظاهر قوله في هذه الرواية، والثالث الفرق بين أن يكون قال ذلك قبل أن يخرج أو بعد أن خرج وروى ذلك زياد بن جعفر عن مالك في المدنية وهو الذي ذهب إليه ابن لبابه وبالله التوفيق.
[مسألة: طلق إلى أجل يعلم أنه لا يبلغه عمر أحد]
مسألة قال ابن القاسم: ومن طلق إلى أجل يعلم أنه لا يبلغه عمر أحد مثل أن يقول مائة سنة أو مائتي سنة فهذا لا شيء فيه ولا طلاق عليه.