قال محمد بن أحمد: وجه قول سحنون هذا أنه لما كان من عرس من الحربيين على أن يكون ذمة، ويؤدي الجزية، أنه لا يؤخذ منه ما أبقى بيده من أموال المسلمين ورقيقهم، وجب أن يكون للمعاهد على ذلك في المدبر والمكاتب، ما كان لسيدهما فيهما من بقية الرق، ولا يمكن من استرقاقهما، إذ لو عوهد وبيده حر لم يمكن من استرقاقه يعطى قيمته، ولا يؤخذ منه بغير شيء على ما مضى لابن القاسم في صدر السماع، فكان القياس على هذا أن يعطى من بيت المال قيمة ما فيهما من الحرية أن لو كان ذلك رقيقا وجاز بيعه على الرجاء والخوف بأن يقال: كم يساوي هذا المكاتب على أنه إن أدى كتابته إلى سيده كان مملوكا للمشتري؟ وكم يساوي هذا المدبر على أن تكون خدمته لسيده، فإن مات فحمله الثلث أو حمل بعضه كان ما حمل منه رقا للمشتري؟ وإن رأى الإمام أن يعطيه قيمتهما، ويعجل لهما العتق أو تطوع أحد بذلك لزم ذلك، وعلى ما وقع آخر رسم الكبش، من سماع يحيى، يمكن المعاهد من استرقاق المدبر والمكاتب، إلا أنا قد ذكرنا أنها رواية شاذة خطأ، خارجة عن الأصول، وقعت على غير تحصيل.
[مسألة: حصن مسلمين ارتدوا عن الإسلام فهل يقاتلون]
مسألة قال سحنون: قال ابن القاسم في حصن مسلمين ارتدوا عن الإسلام، فإنهم يقاتلون ويقتلون ولا تسبى ذراريهم وأموالهم فيئا للمسلمين، قال سحنون قال أشهب: أهل الذمة وأهل الإسلام في هذا سواء، لا تسبى ذراريهم ولا أموالهم، ولا يعادون إلى الرق، ويقرون على جزيتهم كما كانوا.