قال محمد بن رشد: هذا كما قال، إن التحلل لا يلزمهم، إذا لم يعلمهم بمقدار ما لهم عليه من التباعة فيما تناوله من أموالهم، فيلزمه أن يعلمهم بمقدار ذلك حتى يحللوه منه بنفوس طيبة، وبالله التوفيق.
[مسألة: هل يقبل قول الموصي قد دفعت إلى يتاماي أموالهم أم لا]
مسألة وسمعته يسأل ابن غانم، هل يقبل قول الموصي قد دفعت إلى يتاماي أموالهم أم لا يقبل ذلك منه إلا ببينة؟ فقال: لا يجوز قول ذلك عليهم قد دفعت إليهم أموالهم إلا ببينة. قال الله تعالى:{فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ}[النساء: ٦] فلا يجوز قوله عليهم في ذلك إلا أن يكون رجلا ادعى على وليه أنه لم يدفع. إليه ماله بعد زمان طويل قد خرج فيه عن حال الولاية فيما يعرف من ماله وأمره، حتى إذا طال الزمان وهلك الشهود قال: فلان كان يليني ولم يدفع إلي مالي فليس هذا بالذي أريد.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال، من أن والي اليتيم يصدق مع يمينه في دفع مال اليتيم إليه إذا أنكر القبض، وقد طالت المدة؛ لأن طول المدة دليل على صدق قوله؛ لأن العرف يشهد له، فيكون القول قوله، كما يكون قول المكتري في دفع الكراء إذا طال الأمد بعد انقضاء أمد الكراء، حتى يجاوز الحد الذي جرى العرف بتأخير الكراء إليه، وكما يصدق المشتري في دفع ثمن ما اشترى إذا طال الأمد، وإن كان قد اختلف في حد ذلك على ما قد مضى تحصيل القول فيه في رسم الأقضية من سماع أشهب من كتاب جامع البيوع. وكما يصدق البائع أيضا في دفع السلعة إلى المشتري إذا قام عليه بعد أن دفع إليه الثمن بمدة، يدعى أنه لم يقبضها منه حسب ما مضى