قال محمد بن رشد: المعنى في هذه المسألة أن صلح الأولياء بما صالحوا عليه به من ثلثي الدية إنما كان بعد أن أقسموا واستحقوا الدم بقسامتهم، ولو كان صلحهم قبل أن يقسموا لم يكن للأم في ذلك كلام بوجه، إذ لا سبيل إلى قتل دون قسامة.
وقوله:"إن الأم أحق بالقيام بالدم من العصبة وإن كان الدم" إنما ثبت بقسامتهم هو مذهبه في المدونة أن الدم سواء ثبت ببينة أو بقسامة إذا كان الأولياء بنات وإخوة وأخوات وعصبة أو أما وعصبة فمن قام بالدم من البنات والإخوة أو الأخوات والعصبة أو الأم والعصبة فهو أحق فمن عفا ولا عفو إلا بالاجتماع منهم على العفو.
وفي المسألة ثلاثة أقوال:
أحدها - هذا وهو مذهبه في المدونة.
والثاني - أن هذا إنما يكون إذا ثبت الدم ببينة، وأما إذا ثبت بقسامة العصبة فلا حق للنساء معهم في عفو ولا قيام لأنهم هم الذين استحقوا الدم بقسامتهم، وهو قول ابن القاسم ومذهبه في رسم الجواب من سماع عيسى بعد هذا من هذا الكتاب.
والثالث - أنه إن ثبت الدم ببينة فالنساء أحق بالعفو والقود من العصبة لأنهن أقرب منهم، فلا حق للعصبة معهن إذا لم يثبت الدم بقسامتهم، ولو ثبت بقسامتهم فمن قام بالدم كان أحق به ولا عفو إلا باجتماعهم والله الموفق.
[مسألة: القسامة لا تكون فيمن قتل بين الصفين]
مسألة وسئل عن رجل كان بينه وبين رجلين قتال فأتي وبه أثر ضرب وجراح فزعم أن فلانا وفلان قتلاه، وأنه قد أثر فيهما في مواضع سماها، وأنهما اللذان عملا به هذا، فأقام نحوا من يومين حيا ثم مات.
قال مالك: أرى أن يسجنا حتى يكشف أمرهما وإنه ليستحب