عندنا من تبيض الولي على وليه، فهو مكروه من الفعل، لا يفعله إلا مخطئ. وقد استخف ابن حبيب أن ينحسر الرجل في جنازة من يختص به كأبيه الذي يحمل سريره على كاهله، وشبهه من قرابته؛ أو كالرجل الفاضل، أو العالم الذي يختص به ويعنى بأمره؟ وذلك خفيف - كما قال - إذا كان إنما يفعله من أجل حمله وما يتكلفه من التصرف في أمره، فقد فعله عبد الله بن عون في جنازة محمد بن سيرين، ومصعب بن الزبير - وهو أمير في جنازة الأحنف بن قيس؟ وحمل سعد بن أبي وقاص سرير عبد الرحمن بن عوف على كاهله، وفعله عمر بأسيد بن الحضير، وعثمان بأمه، وعبد الله بن عمر بأبي هريرة - وبالله التوفيق.
[مسألة: يحمل الرجل الجنازة وينصرف ولا يصلي]
ومن كتاب القبلة
مسألة قال ابن القاسم وسمعت مالكا يقول: من شهد جنازة فإني لا أرى أن ينصرف حتى يصلي عليها، إلا لحاجة أو علة.
قال محمد بن رشد: هذا مثل قوله - بعد هذا في رسم "شك في طوافه": ليس هذا من الفعل أن يحمل رجل ولا يصلي. وقال في آخر سماع أشهب: لا بأس أن يحمل الرجل الجنازة وينصرف ولا يصلي، وذلك اختلاف من قوله: كره في سماع ابن القاسم لمن شهد جنازة أن ينصرف حتى يصلي عليها، ولم ير بذلك بأسا في سماع أشهب، والأصل في هذا الاختلاف اختلافهم في تخريج ما تعارض ظاهره من حديث النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - في ثواب المصلي على الجنازة وتأويله، وذلك أنه روي عن النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أنه قال: «من جاء جنازة فتبعها من أهلها حتى يصلي عليها، فله