ومن كتاب حبل حبلة قال عيسى: قلت لابن القاسم: فالأسارى من المسلمين يصيبهم العدو في البحر، فيوثقونهم ويوجهون بهم إلى بلادهم، فيثب عليهم الأسارى، فيقتلون بعضهم؛ ويأسرون بعضهم، ويصيبون متاعهم ومركبهم؛ هل ترى للإمام فيه خمس؟ فقال: إن كان يسار بهم في البحر إلى أرضهم ولم يصلوا بعد إلى أرضهم؛ فأراهم بعد في حربهم، وأرى فيما أصابوا الخمس؛ وإن كانوا قد وصلوا بهم إلى بلادهم، ثم خلصوا منهم على ما ذكرت؛ فأرى ما أصابوا لهم، وليس للسلطان فيه خمس.
قال محمد بن رشد: الوجه في هذا أنهم إن فعلوا ذلك قبل أن يستحكم أسرهم، فهم بعدُ في حربهم، يكون فيما أصاب منهم الخمس، وإن فعلوا ذلك بعد أن يستحكم أسرهم، فما أصابوا لهم، ولا خمس عليهم فيه، وإنما يستحكم أسرهم - إذا ساروا بهم إلى موضع يأمنون فيه لحوق مراكب المسلمين بهم، فمعنى الرواية: إذا علم أنهم لا يأمنون إلا بالوصول إلى أرضهم؛ لكثرة مراكب المسلمين عليهم. ولو أمنوا قبل الوصول إلى أرضهم، لكان لهم بالوصول إلى موضع الأمن حكم الوصول إلى أرضهم - والله أعلم، يبين هذا الذي قلناه - مسألة آخر سماع سحنون من هذا الكتاب في حد الموضع الذي يجعل فيه تجار الحربيين إذا أخذوا في انصرافهم - وبالله التوفيق.