لصاحب الحمل بد من غرم الكراء إن رضي بأخذ الحمل، وأخذ قيمته بالموضع الذي حمله منه. مثل قول ابن القاسم.
قال محمد بن رشد: إنما خالف أشهب ابن القاسم وابن وهب ومطرفا في هذه المسألة في موضع واحد، وهو إذا أراد صاحب الحمل أن يأخذ حمله بمصر، فقال أشهب: يأخذه ولا كراء عليه فيه إذ لم يكره عليه، وقال ابن القاسم وابن وهب ومطرف: ليس له أن يأخذه إلا أن يغرم كراءه؛ لأنه لما ترك أن يضمنه قيمته باطرابلس، واختار أخذه بمصر، فكأنه قد أذن له في حمله إليها، وحكى ابن حبيب عن أصبغ في ذلك قولا ثالثا قد ذكرته في سماع أبي زيد من كتاب كراء والأرضين، واتفقوا كلهم أن على الجمال أن يرجع فيحمل الذي تكوري على حمله، ولا اختلاف أيضا بينهم أنه ليس للحمال أن يقول أنا أرد الحمل الذي أخطأت فيه إلى اطرابلس، وإنما لم يكن ذلك له؛ لأن الحكم قد تعين عليه بالقيمة، فلا يلزم أن يؤخر ما يوجبه الحكم من ذلك بما يدعو إليه، ولو بادر فرد الحمل إلى اطرابلس قبل أن يقدم عليه صاحبه لم يكن له إلا أن يأخذ حمله؛ لأن المعنى الذي من أجله كان يلزم القيمة فيه قد ذهب، كما لو غصب الحمل فحمله إلى بلد آخر ثم رده إلى موضعه، لم يجب للمغصوب منه إلا أخذ حمله؛ لأنه بحاله، وكما لو غصب رجل عبدا فحدث به عيب ثم ذهب العيب لسقطت القيمة عن الغاصب، ولم يجب للمغصوب منه إلا أخذ عبده، وقد مضى في سماع أبي زيد من كتاب كراء الدور والأرضين في هذه المسألة ما فيه زيادة بيان وبالله التوفيق.
[مسألة: هلاك الدابة بعد بلوغها موضع الكراء]
مسألة وقال مطرف: من تكارى دابة من مصر إلى مكة فلما بلغ المدينة هلكت الدابة، وقال المكتري: اكتريت منك هذه الدابة بعينها وقد انقضى الكراء بيني وبينك لموتها فاردد علي من الكراء بقدر ما قصرت الدابة عنه، وقال صاحب الدابة: لا أرد عليك