قال محمد بن رشد: في هذا الحديث أن الذي يقسم الصدقة يصدق المسكين فيما يدعي من المسكنة والحاجة: إذا رأى عليه هيئة ذلك، ولا يكلف البينة؛ لأن عمر بن الخطاب، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، صدق المرأة فيما ادعت من الحاجة، وأمر محمد بن مسلمة أن يعطيها لقولها، دون أن يكلفها بينة، وكذلك قال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - في رسم "البز" من سماع ابن القاسم من كتاب البضائع، والوكالات.
[مسألة: حمل من أهل الذمة الطعام من تيماء ووادي القرى إلى المدينة أعليهم عشور]
مسألة وسئل: عمن حمل من أهل الذمة الطعام من تيماء، ووادي القرى إلى المدينة، أعليهم عشور؟ فقال: أما أهل تيماء، فأرى ذلك عليهم، وأما أهل وادي القرى، فلا؛ لأني أخاف أن يكون من المدينة وهي قريبة.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأن أهل الذمة إنما يلزمهم العشر فيما اتجروا به إذا خرجوا من أفق إلى أفق: من الحجاز إلى اليمن، أو من الشام إلى العراق، وما أشبه ذلك، فرأيتها خارجة من الحجاز، فأوجب على من قدم منها بطعام إلى المدينة العشر - يريد فيما عدا الحنطة والزيت؛ لأنه قد قال في أول الرسم: إنه لا يؤخذ منهم بمكة والمدينة من الطعام إلا نصف العشر، وقد مضى ما في ذلك من الاختلاف هنالك، وشك في وادي القرى لقربها، وخشي أن يكون من الحجاز، فلم ير أن يؤخذ منهم العشر بالمدينة؛ والأندلس كلها أفق واحد، فلا يؤخذ من الذمي، إذا خرج تاجرا من أعلاها إلى أسفلها شيء، وبالله التوفيق.
[مسألة: رد الصدقة المأخوذة من الأغنياء على الفقراء]
مسألة قال: وسمعت أن «رجلا جاء فقال: هذا ابن عبد المطلب المرتفق؟