للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مناقب أبيه، فقال: شهد بدراً والعقبة وما أشبه ذلك، ثم قام إليه رجل آخر من أهل الشام، فقال: إن أباه شهد الزاوية، وكان مع الحجاج بن يوسف، فقال عمر: كم من شيء يفرح به صاحبه، وهو عليه وَبالٌ يوم القيامة، ثم قال عمر:

تلك المكارم لا قعبان من لبن ... شيبَا بماءٍ فعادا بعدُ أبوالا

قال محمد بن رشد: هذا كما قال - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إن الرجل إنما يتشرف بمناقب أبيه على الحقيقة، ويجب أن يفرح بها إذا كانت مما يُقربه إلى الله تعالى؛ لأنه يرجو أن يلحقه الله بدرجته لِتقر به عينه، بدليل قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطور: ٢١] ، وبالله التوفيق.

[تحفظ الرجل بدينه]

في تحفظ الرجل بدينه وسمعته يذكر: أن رجلاً من الحكماء قال: ما كنتَ لاعباً لا بدَّ أن تلعب به، فلا تلعب بدينك.

قال محمد بن رشد: المعنى في هذا أنه لا ينبغي لأحدٍ أن يسامح أحداً في شيء من دينه إن لم يكن عليه في مسامحته فيه إثم، وإن سامحه في ماله أو فيما هو ... وذلك أن يصبح الرجل صائماً متطوعاً فيريده رجل من الفقراء في صنيع يصنعه، فقد قال مطرف: إنه إن حلف عليه بالطلاق والعتق ليفطرن فأعنته، ولا يفطر وإن حلف هو فليكفر، ولا يفطر، وإن عزم عليه أبواه أو أحدهما في الفطر فليطعهما وإن لم يحلفا عليه، إذا كان ذلك رِقَّةً منهما عليه لاستدامة صومه. وقد مضى الكلام على هذه

<<  <  ج: ص:  >  >>