النصراني تسلم أن يكون من دينهم استجازة بيع أمهات الأولاد؛ لأن ذلك إذا لم يكن من دينهم فهو متعد عليها في بيعها وظالم لها في ذلك، وواجب على الإمام أن يمنعهم من التظالم فيما بينهم، فإذا أقر على نفسه ببيعها، وذلك غير جائز له في دينه، وقال ذلك أساقفتهم - وجب على الإمام أن يحول بينه وبين ذلك، ولم يجز لأحد من المسلمين أن يشتريها منه، فينبغي أن يحمل هذا على التفسير لما في كتاب الجنايات من المدونة من أن الذمي لو باع أم ولده لم يمنع من ذلك. وإجازته للمسلم شراءها منه إذا كان من دينهم استجازة ذلك إنما يأتي على القول بأنهم غير مخاطبين بشرائع الإسلام، وقد اختلف في ذلك، وبالله التوفيق.
[زعم أنه وطئ جاريته وأنه يعزلها فجاءت بولد]
ومن سماع موسى بن معونة من ابن القاسم قال موسى بن معونة: قال ابن القاسم: من زعم أنه وطئ جاريته وأنه يعزلها، فجاءت بولد، فإنها أم ولده إلا أن يدعي استبراء، قال ابن القاسم: ومن ادعى أنه كان يطأ جاريته ولا ينزل، فجاءت بولد فإنه لا يلحقه ولا تكون أم ولد؛ لأنه إنما زعم أنه كان يفضي ويعزل، فالعزل قد يخطئ ويصيب، ولذلك لزمه الولد، وإذا قال كنت أطأ ولا أنزل فإنه ليس هاهنا موضع خوف في أن يكون قد أفضى فيها، فلذلك لم يلزمه الولد.
قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قال؛ لأن الولد إنما يكون من الماء الدافق، قال تعالى:{فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ}[الطارق: ٥] ... الآية، وقال: