{وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ}[السجدة: ٧]{ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ}[السجدة: ٨] ، فإذا لم ينزل أصلا علم أنه لم يكن منه ما يكون عنه الولد، فوجب أن لا يلزمه، وإذا وطئ فأنزل فعزل الماء عن الموطوءة وأنزله خارجا منها احتمل أن يكون لم يعزله بجملته وسبقه شيء منه كان عنه الولد، فوجب أن يلزمه؛ لأن الأمة قد صارت فراشا له بوطئه إياها فوجب أن يلحق به الولد حتى يوقن أنه ليس منه، لقول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «الولد للفراش، والحجر للعاهر» ، ولا يقين في أن الولد ليس منه للاحتمال الذي ذكرناه، وقد دل على ذلك قول النبي لأصحابه حين سألوه عن العزل:«ما عليكم ألا تفعلوا، ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة» ، فأخبر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن الولد قد يكون مع العزل إذا شاء الله بأن يكون معه بأن ينقلب الوكاء، كما قال عمرو بن العاص صاحب النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فسبقه من الماء شيء يكون منه الولد لا يظن به، وقد قال في آخر كتاب الاستبراء من المدونة: من قال كنت أطأ أمتي ولا أنزل فيها فإن الولد يلحقه ولا ينفعه أن يقول كنت أعزل عنها. فذهب بعض الناس إلى أن ذلك خلاف لرواية موسى هذه في قوله فيها إنه من قال كنت أطأ ولا أنزل - أن الولد لا يلحقه. ومنهم من قال: سأله عمن قال لا أنزل، فأجاب عمن قال كنت أعزل، وليس شيء من ذلك كله بصحيح؛ لأن قوله ولا أنزل فيها دليل على أنه كان ينزل خارجا عنها،