للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يكون عليه دين لغير من قام به فروى ابن وهب عن مالك أنه لا يستأنى به لأن له ذمة بخلاف الميت الذي لا ذمة له، وهو ظاهر هذه الرواية لأنه قال فيها: إذا قامت البينة وأرادوا حقوقهم فذلك لهم، ومعناه بعد أيمانهم، وفي المدونة أن الحي والميت سواء إذا كان معروفا بالدين لم يعجل بقضاء من حضر، وأوقف حتى يستبرأ أمره ويجتمع أهل دينه أو يعرفوا فيضرب لهم بحقوقهم، قال: فهذه أعدل روايتهم، وبالله التوفيق.

[مسألة: رجل يباع ماله في دينه]

مسألة قال مالك في رجل يباع ماله في دينه، قال مالك: على الوالي أن يستأني بالعروض مثل الشهر والشهرين مثل الدور وما أشبه ذلك يستأني بها ويتسوق بها ويطلب بها الأثمان، وأما الحيوان فيستأنى بها الشيء اليسير ولا يكون مثل العروض.

قال محمد بن رشد: قوله إنه يستأنى بالعروض الشهر والشهرين مثل الدور لفظ مشكل لاحتمال أن يكون أراد أن العروض يستأنى بها الشهر والشهرين كما يستأنى بالدور، ويحتمل أن يكون قوله مثل الدور تفسير للعروض فيكون معنى قوله: إن العروض التي هي الدور يستأنى بها الشهر والشهرين بخلاف الحيوان، ومثله في كتاب ابن المواز أن الدور يستأنى بها الشهر والشهرين، والعروض والحيوان يستأنى بها اليسير، محصل الاختلاف إنما هو في العروض هل يستأنى بها الشهر والشهرين مثل الدور أو الأيام اليسيرة مثل الحيوان، والعلة في الحيوان أنه لا يستأنى بها إلا لشيء اليسير هي ما يتكلف من الإنفاق عليها، وأما العروض فالذي يوجبه النظر فيها أن يستأنى بما كان رفيعا كثير الثمن منها الشهر والشهرين، وبما دون ذلك منها الأيام اليسيرة، ولا يستأنى بما كان يسير الثمن منها شيئا، ويباع من ساعته، مثل الحبل والدلو والسوط وشبه ذلك، وبالله التوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>