اليائسة التي أوجب الله عليها العدة بثلاثة أشهر، هي التي لا ترتاب في الحيض؛ إذ ليست في سن من تحيض، وهو الذي ذهب إليه مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - في هذه الرواية، فالتي ترتفع حيضتها بعد أن حاضت وهي في سن من تحيض، محمولة عليها إذا قعدت تسعة أشهر، فلم ير بها حيض، ولا ظهر بها حمل، ولا كان لها عذر يمنعها من الحيض، من مرض أو رضاع، على ما بيناه من الاختلاف في المرض في رسم سلعة سماها من سماع ابن القاسم؛ لأنها بمعنى اليائسة، والسنة الثابتة في ذلك عن عمر بن الخطاب، فلا تحل المرأة المطلقة ولا حمل بها، إذا كانت في سن من تحيض، أو قد حاضت مرة أو مرتين إلا بثلاثة قروء، أو سنة بيضاء، لا دم فيها، تسعة أشهر استبراء، ينزل ببلوغها إليها دون أن نرى فيها دما، بمنزلة الآيسة، ثم ثلاثة أشهر عدة كما قال الله عز وجل.
[مسألة: امرأة لها ولد صغير وله مال فهي تستنفق وخادمها من ماله]
مسألة وسئل عن امرأة لها ولد صغير، وله مال، فهي تستنفق وخادمها من ماله، فقال: أليس لها مال؟ قيل: بلى، قال: لو لم يكن لها مال لم يكن فيه شك، فأما إذا كان لها مال، فلينظر في ذلك، فإن كان ما تعمل إليه من الخدمة والحضانة، مثل الذي ينفق عليهم، فذلك جائز، وينظر، فإن كان يجد له من يخدمه وينفق عليه قيام جارية أمه عليه في الحضانة له والرفق به، بدون نفقة هذه، لم يكن لهم أن يستنفقوا من ماله.
قال محمد بن رشد: أجاز هاهنا للأم، وإن كان لها مال، أن تستنفق هي وخادمها من مال ولدها، إن كان ما تعمل إليه من الخدمة والحضانة، مثل ما تستنفق، فجعل لها في مال ولدها حظا بالحضانة، وذلك خلاف ما تقدم في رسم الطلاق الثاني من هذا السماع، وفي رسم شك في طوافه من سماع ابن القاسم. ومثل ما في رسم شك من سماع ابن القاسم