الدفع إليه إذا ضاع عنده، وإن صدقه، بخلاف إذا لم يسمه له، ولا وجه لتفرقته في ذلك. ووجه قول أصبغ الذي اختاره ابن حبيب، أن المرتهن لما كان ضامنا للرهن الذي قبضه، إذا ادعى تلفه ولم يأت على ذلك ببينة، أشبه من دفع من ذمة إلى أمانة، فأقر القابض وادعى التلف؛ لأن المشهور في هذا أن الدافع ضامن، إلا إن قيم البينة على معاينة الدفع، ويتخرج على قول ابن القاسم في مسألة اللؤلؤ، من كتاب الوكالات من المدونة، إنه مصدق في ذلك مع يمينه وبالله التوفيق.
[ارتهن رهنا وحازه فترة ثم أتى رجل فزعم أنه قد ارتهنه قبله وحازه]
ومن كتاب بع ولا نقصان عليك وسئل عن رجل ارتهن رهنا وحازه، فمكث في يديه سنة أو سنتين، ثم أتى رجل، فزعم أنه قد ارتهنه قبله وحازه، وأقام البينة على الرهن والحيازة، وادعى أنه لم يعلم برهن هذا، قال أرى أن يبدأ الأول ويكون لهذا الآخر ما بقي عن الأول دون الغرماء، فقال له صاحب الحق الآخر: إن الرهن كان دارا فباعها القاضي في حقي، فاشتريتها ثم أتى الذي استحقها بالرهن الأول بعد اشترائي إياها، فقلت: إذا استحقها هذا برهنه، فافسخ الاشتراء عني، قال: يمضي الاشتراء عليك، ويبدأ بهذا المرتهن الأول، ويكون لك ما فضل بعده، قال عيسى: قلت لابن القاسم: كيف جعلت ما فضل عن المرتهن الأول لهذا دون الغرماء، وأنت تقول: من رهن رهنا فليس له أن يرهن فضلته من آخر إلا بإذن المرتهن؟ قال: هذا قد حاز وقبض، فأرى أن ينفعه حيازته وقبضه.
قال محمد بن رشد: في هذه المسألة معنى خفي، يجب أن يوقف عليه، وهو أن الرهن لا يبطل برجوعه إلى الراهن بعد أن حازه المرتهن، إلا