في السلام على أهل القدر وسئل مالك عن أهل القدر أيسلم عليهم؟ قال: لا يسلم عليهم. قال ابن القاسم: وكأني رأيته يرى ذلك في أهل الأهواء كلهم ولم يبينه. قال: قال ابن القاسم: وذلك رأيي أن لا يسلم عليهم.
قال محمد بن رشد: قوله: إنه لا يسلم على أهل القدر ولا على أهل الأهواء كلهم، يريد الذين يشبهون القدرية من المعتزلة والروافض والخوارج، إذ من الأهواء ما هو كفر صريح لا يختلف في أن معتقده كافر، ومنه ما هو هوى خفيف لا يختلف في أنه ليس بكفر. ويحتمل أن يريد أنه لا يسلم عليهم على وجه التأديب لهم والتبري منهم والبغضة فيهم [لله تعالى] لا أنهم عنده كفار بمآل قولهم، ويحتمل أن يريد أنه لا يسلم عليهم لأنهم عنده كفار بمآل قولهم، فقد اختلف قوله في ذلك: فله في أول سماع ابن القاسم من كتاب المحاربين والمرتدين ما يدل على أنهم كفار عنده بمآل قولهم، وله في رسم الأقضية الثالث من سماع أشهب منه ما يدل على أنهم ليسوا عنده بكفار، وذلك أنه قال فيهم: إنهم قوم سوء، فلا يجالسون ولا يصلى وراءهم.
وله مثل ذلك في رسم الصلاة الثاني من سماع أشهب في الواقفية والإباضية، لأنه سئل فيه عن الصلاة خلفهم، فقال: لا أحب، وعن السكنى معهم؟ فقال: ترك ذلك أحب إلي. وقد مضى في المواضع المذكورة الكلام على هذا مستوفى مشروحا مبينا فتركت ذكره هاهنا اكتفاء بذلك، وبالله التوفيق.