ومن كتاب حلف ليرفعن أمرا وسئل مالك عن رجلين من بني سلمة وقعت بينهما مشاتمة فقال أحدهما لصاحبه: أبي خير من أبيك وأمي خير من أمك وما أمشى مقنعا رأسي، فقال له الآخر: هلم أباك الذي تزعم أنه أبوك فهذا من يعرف أبي ويعرف أباك ويعرف أمي ويعرف أمك، قال قال مالك: هذا أنكر ما تكلم به حين قال الذي تزعم أنه أبوك، ثم قال ما أرى في مثل هذا كله حدا والعفو في مثل هذا أمثل والصفح أفضل، فأما الحد فلا أراه ولا أرى في مثل هذا حدا.
قال محمد بن رشد: إنما قال إن أنكر ما تكلم به قوله الذي تزعم؛ لأن " زعم " إنما تستعمل في الأشياء المكروهة وفيما يتهم فيه القائل بالكذب، بخلاف قال وذكر، ولما كان لفظ يزعم لا يقتضي تحقيق الكذب عليه فيما زعمه لم ير في ذلك حدا، ورأى التجافي عن العقوبة في مثل ذلك أمثل وأولى من العقوبة فيه؛ لأنه قول خرج منه على سبيل الجواب لتعريضه بالريب في قوله وما أمشي مقنعا رأسي أي: إنك أنت تفعل ذلك، وعبر عن التجافي عن عقوبته بالعفو والصفح تجاوزا واستعارة، إذ ليس تجافي الحاكم عن عقوبة من تلزمه العقوبة عفوا له عن العقوبة ولا صفحا عنها، إذ ليس ذلك إليه، وإنما العفو والصفح للمقول له ذلك القول المؤذى به والله الموفق.
[مسألة: إن لم يأت بأربعة شهداء فليعط برمته]
مسألة وسئل مالك عن تفسير حديث علي بن أبي طالب إن لم يأت بأربعة شهداء فليعط برمته أي البكر والثيب جميعا إذا أتى بأربعة