شهداء خلي سبيله، قال: لا أدري ما هذا لم أسمع فيه شيئا إنما أريد بهذا الحديث موضع الشهادة الذي يدعي هذا الأمر للبراءة له، قال ابن القاسم: أرى إذا قام أربعة شهداء في البكر والثيب يشهدون أنهم رأوه يزني بها ترك، وهذا تفسير الحديث.
قال محمد بن رشد: قوله في الحديث فليعط برمته معناه فليسلم بذاته للقود منه بمن قتل منهما، فنص - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - على أنه يقتل إن لم يأت بأربعة شهداء، وسكت عن الحكم في ذلك إن أتى بهم، فاقتضى دليل قوله بحمله على عمومه ألا يقتل إن أتى بأربعة شهداء على معاينة الزنا كان المقتول منهما بكرا أو ثيبا، وقد اختلف في القول بدليل الخطاب ولذلك توقف مالك في ذلك فقال: لا أدري ما هذا لم أسمع فيه شيئا ثم قال بعد ذلك: إنما أريد بهذا الحديث موضع الشهادة الذي يدعي هذا الأمر للبراءة له، فرأى بدليل الخطاب ألا يقتل إذا أتى بأربعة شهداء ظاهره في البكر والثيب مثل قول ابن القاسم، وقد اختلف في ذلك إذا كان المقتول منهما بكرا على أربعة أقوال، أحدها: أنه لا يقتل ويكون دمه هدرا، وهو قول المغيرة وعبد الرحمن، وظاهر قول ابن القاسم وروايته عن مالك في هذه الرواية، وقاله ابن عبد الحكم إذا علم التشكي منه به قبل ذلك، والثاني: أنه لا يقتل به وتكون الدية فيه على عاقلته، وهو قول ابن القاسم في كتاب ابن المواز وفي المدنية وفي تفسير ابن مزين من رواية أصبغ عنه، والثالث: أنه لا يقتل وتكون الدية عليه في ماله، وهو قول أصبغ من روايته في تفسير ابن مزين، والرابع: أنه يقتل به وهو قول ابن الماجشون، فوجه القول الأول أن من أصابه مثل هذا يدركه من الغضب ما يفقد معه عقله فيكون حكمه في ذلك حكم المجنون الذي لا يعقل، وقد قيل فيه إن جنايته في المال والدم هدر، ويؤيد هذا ما روى حذيفة «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لأبي بكر: أرأيت لو وجدت مع أم رومان رجلا ما كنت صانعا به؟ قال: كنت صانعا به شرا، قال فأنت يا عمر؟ قال: كنت قاتله، قال فأنت يا سهيل بن بيضاء؟ قال: كنت أقول أو قائلا لعن الله الأبعد